(وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْها بِقُوَّةٍ
وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ (١٤٥) )
ثمّ بيّن الله تعالى فضائل التّوراة ببيان ما فيها من العلوم إجمالا بقوله : ﴿وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ﴾ التي كانت من زبرجد الجنّة - على رواية (١) - ، أو زمرّد أخضر - على اخرى (٢) - ﴿مِنْ كُلِّ شَيْءٍ﴾ وعلم يحتاج إليه ، وكتبنا فيها ﴿مَوْعِظَةً﴾ كثيرة ﴿وَتَفْصِيلاً﴾ وشرحا وافيا ﴿لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ من المعارف والأحكام ، وقلنا : يا موسى ، إذا علمت ما في الألواح ﴿فَخُذْها بِقُوَّةٍ﴾ في القلب ، أو بجدّ وعزيمة ﴿وَأْمُرْ﴾ وحثّ ﴿قَوْمَكَ﴾ ومن تبعك ﴿يَأْخُذُوا﴾ ويعملوا ﴿بِأَحْسَنِها﴾ من عزائم أحكامها. وقيل : إنّ المراد من الأحسن : هو الحسن ؛ وهو كلّها (٣) .
ثمّ وعظهم بقوله : ﴿سَأُرِيكُمْ دارَ﴾ فرعون وقومه ، وسائر الامم المهلكة الّذين كانوا هم ﴿الْفاسِقِينَ﴾ والخارجين عن طاعة أحكامي ، كيف خربت وعفيت آثارها بعصياني لتعتبروا بها.
قيل : يعني سادخلكم أرض مصر وأرض الجبابرة والعمالقة بالشّام. وعليه يكون فيه وعد وترغيب.
عن ابن عبّاس ، في تفسير ﴿دارَ الْفاسِقِينَ﴾ قال : هي جهنّم ، أي فليكن ذكر جهنّم حاضرا في خواطركم (٤) .
عن الصادق عليهالسلام : « أنّ الله عزوجل لمّا أنزل الألواح على موسى عليهالسلام أنزلها وفيها تبيان لكلّ شيء كان أو هو كائن إلى أن تقوم السّاعة ، فلمّا انقضت أيّام موسى عليهالسلام أوحى الله إليه أن يستودع الألواح - وهي زبرجدة من الجنّة - جبلا يقال له زينة ، فأتى موسى عليهالسلام الجبل فانشقّ له الجبل ، فجعل فيه الألواح ملفوفة ، فلمّا جعلها [ فيه ] انطبق الجبل عليها ، فلم تزل في الجبل حتّى بعث الله نبيّه صلىاللهعليهوآله ، فأقبل ركب من اليمن يريدون الرّسول صلىاللهعليهوآله ، فلمّا انتهوا إلى الجبل انفرج الجبل وخرجت الألواح ملفوفة كما وضعها موسى عليهالسلام ، فأخذها القوم فلمّا وقعت في أيديهم القي في قلوبهم أن لا ينظروا إليها وهابوها حتّى يأتوا بها رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فأنزل [ الله ] جبرئيل على نبيه صلىاللهعليهوآله فأخبره بأمر القوم وبالذي أصابوه.
__________________
(١) تفسير العياشي ٢ : ١٦٠ / ١٦١٩ ، تفسير الصافي ٢ : ٢٣٦.
(٢) بصائر الدرجات : ١٦١ / ٦ ، تفسير الصافي ٢ : ٢٣٧.
(٣) تفسير روح البيان ٣ : ٢٤٠.
(٤) تفسير الرازي ١٤ : ٢٣٨.