فلمّا قدموا على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلموا عليه ابتدأهم فسألهم عمّا وجدوه ، فقالوا : وما علمك بما وجدنا ؟ قال : أخبرني به ربّي ، وهو الألواح ، قالوا : نشهد أنّك لرسول الله. فأخرجوها فدفعوها إليه ، فنظر إليها وقرأها وكانت بالعبرانيّة ، ثمّ دعا أمير المؤمنين عليهالسلام فقال : دونك هذه ففيها علم الأوّلين والآخرين ، وهي ألواح موسى عليهالسلام ، وقد أمرني ربّي أن أدفعها إليك ، فقال : لست احسن قراءتها ، قال : إنّ جبرئيل أمرني أن آمرك أن تضعها تحت رأسك ليلتك هذه ، فإنّك تصبح وقد علّمت قراءتها قال : فجعلها تحت رأسه ، فأصبح وقد علّمه [ الله ] كلّ شيء فيها ، فأمر رسول الله صلىاللهعليهوآله بنسخها ، فنسخها في جلد ؛ وهو الجفر ، وفيه علم الأوّلين والآخرين ، وهو عندنا ، والألواح عندنا ، وعصا موسى عندنا ، ونحن ورثنا النبيّين أجمعين » .
قال : « قال أبو جعفر : تلك الصّخرة التي حفظت ألواح موسى عليهالسلام تحت شجرة في واد يعرف بكذا » (١) .
وفي رواية : « أنّ الباقر عليهالسلام عرّف تلك الصّخرة ليماني دخل عليه » (٢) .
(سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ
لا يُؤْمِنُوا بِها وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ
يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ (١٤٦) )
ثمّ هدّد الله سبحانه الكفّار المنكرين للتّوراة بقوله : ﴿سَأَصْرِفُ عَنْ﴾ التفكّر في ﴿آياتِيَ﴾ الدالّة على توحيدي وكمال قدرتي - من إهلاك الامم الماضية بكفرهم وعصيانهم ، وعن النّظر في معجزات موسى عليهالسلام وكتابه - الكفّار ﴿الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ﴾ ويترفّعون ﴿فِي الْأَرْضِ﴾ على الأنبياء والمؤمنين بهم ﴿بِغَيْرِ الْحَقِ﴾ واستحقاق ، ويرون أنفسهم أفضل وأشرف من الرّسل ، مع أنّه لا فضل لهم ولا شرف ﴿وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ﴾ وحجّة على توحيد الله ، أو معجزة دالّة على رسالة رسله ، أو من آيات التّوراة ﴿لا يُؤْمِنُوا بِها﴾ ولا يصدّقوها ولا ينقادوا لها ﴿وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ﴾ ويطّلعوا على طريق الحقّ ﴿لا يَتَّخِذُوهُ﴾ ولا يختاروه لأنفسهم ﴿سَبِيلاً﴾ ومسلكا لانطباع قلوبهم ، واستيلاء الشّيطان عليهم ، وتمرّنهم على الانحراف ﴿وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِ﴾ وطريق الضّلال والمذهب ﴿يَتَّخِذُوهُ﴾ لسلوك أنفسهم ﴿سَبِيلاً﴾ لا يعدلون عنه لموافقته لأهوائهم الزّائغة ، وإفضائه إلى مشتهياتهم الباطلة.
__________________
(١) تفسير العياشي ٢ : ١٦٠ / ١٦١٩ ، تفسير الصافي ٢ : ٢٣٧.
(٢) بصائر الدرجات : ١٦٢ / ٧ ، تفسير الصافي ٢ : ٢٣٨.