إلاّ أنّها كانت تسير على درجة كبيرة من الحيطة والحذر ، بل ويشوبها في بعض الأحيان بعض التوتّر ، وذلك نتيجة الوشايات المستمرّة ضدّه ، لما يعرف عنه بميله الواضح للعلويّين بصورة عامّة ، ولأئمّة أهل البيت بصورة خاصّة.
ومما نقلته بعض المصادر في هذا الجانب ما يؤكّد قولنا ، حيث أورد ابن شهراشوب وغيره هذه الحادثة التي جرت بين عليّ بن يقطين والخليفة العبّاسي هارون الرشيد ما نصّه : «اختلفت الرواية من بين أصحابنا في مسح الرجلين في الوضوء ، أهو من الأصابع إلى الكعبين ، أم من الكعبين إلى الأصابع؟ فكتب عليّ بن يقطين إلى أبي الحسن موسى عليهالسلام : جعلت فداك ، إنّ أصحابنا قد اختلفوا في مسح الرجلين ، فإن رأيت أن تكتب إليّ بخطّك ما يكون عملي بحسبه فعلت إن شاء الله. فكتب إليه أبو الحسن عليهالسلام :» فهمت ما ذكرت من الاختلاف في الوضوء ، والذي آمرك به في ذلك أن تتمضمض ثلاثاً ، وتستنشق ثلاثاً ، وتغسل وجهك ثلاثا ، وتخلّل شعر لحيتك وتغسل يدك إلى المرفقين ثلاثاً وتمسح رأسك كلّه ، وتمسح ظاهر أذنيك وباطنهما ، وتغسل رجليك إلى الكعبين ثلاثاً ، ولا تخالف ذلك إلى غيره. «فلمّا وصل الكتاب إلى عليّ بن يقطين ، تعجّب ممّا رسم له فيه مما جميع العصابة على خلافه ، ثمّ قال : مولاي أعلم بما قال ، وأنا ممتثل أمره ، فكان يعمل في وضوئه على هذا الحدّ ، ويخالف ما عليه جميع الشيعة ، امتثالا لامر أبي الحسن عليهالسلام. وسعي بعليّ بن يقطين إلى الرشيد وقيل له : إنّه رافضيٌّ مخالف