وعاش زمناً طويلا تحت كنفه ، وشهد الوحي من أوّل نزوله إلى يوم انقطاعه ، بحيث لم يند عنه آية من آياته!!
فإذا لم يدع إلى هذا الأمر الخطير فإلى أيّ شيء يدعى؟! وإذا كانوا قد انتحلوا معاذير ليسوّغوا بها تخطّيهم إيّاه في أمر خلافة أبي بكر فلم يسألوه عنها ولم يستشيروه فيها ، فبأيِّ شيء يعتذرون من عدم دعوته لأمر كتابة القرآن؟ فبماذا نعلّل ذلك؟ وبماذا يحكم القاضي العادل فيه؟ حقّاً إنّ الأمر لعجيب وما علينا إلاّ أن نقول كلمة لا نملك غيرها وهي :
لك الله يا عليُّ! ما أنصفوك في شيء(١)!».
* وقال أيضاً بعد أن تكلّم حول حرب عائشة عليه وعفوه عنها في حرب الجمل :
«لك الله يا علي! تألّبت كلُّ القوى عليك ، وكم نلت من البعيد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(٥٣) نفس المصدر : ١٦٨.
سمعت باسم أبي ريّة لأوّل مرّة في كتب بعض الأساتذة وقرأت جزءاً ممّا اقتطفه في كتابه ثمّ مضت سنتان وشدوتُ من العلم ما شدوتُ وإذا صديقٌ يعرّفني على كتاب (أضواء على السنّة المحمّدية) ، وكنت يومئذ في بكرة الشباب ، استهواني عنوان الكتاب فتناولته أقلّب صفحاته لا أكاد أفهم جُمَلهُ حتّى انتهيت إلى جملته (لك الله يا عليّ) فإذا هي جملة عذبة تخالط النفس وتنفذ برفق إلى القلب حتّى أدّت إلى ذرف دموعي ، وإذا بي أعيدها مرّة تلو الأخرى حتّى أصبحت أفتح الكتاب لكي أقرأها ، وقد حببت إليّ هذه الجملة أن أعود إلى الكتاب فأقرأه في رويّة وتمهّل لعلّني أفهمه ، وأحببت أبا ريّة من يومها ، فرحتُ أتتبّع آثاره في الصحف والكتب ، لا يفوتني منها شيء ، وكنت أبذل قصارى جهدي في فهم كلمات أبي ريّة ، لأنّي لم أعهد بمثلها قبل ذلك.