وتأثير العلاّمة الحلّي جليّ غنيّ عن البيان مؤكّد من خلال منهج (المقارنة) الذي طبع نتاجات الشهيد الأوّل ونظريّاته ولا سيّما مع المذاهب الإسلامية الأخرى ، فلو أخذنا كتاب القواعد والفوائد(١) للشهيد الأوّل نموذجاً تطبيقيّاً نرى أنّه قد اتّخذ طابع (المقارنة) أي موازنته للقواعد الفقهية لدى المذاهب الإسلامية الأخرى مع مذهبه فلم يقتصر على رأي الأصحاب فقط ، وفيه من الحداثة شيء متميّز ، ومن البحث المنهجيّ أصالته ، وما أريد التركيز عليه أنّ منهج (المقارنة عند الشهيد الأوّل وغيره من علمائنا) أحد أهمّ دعائم الوحدة الإسلامية والتقريب بين المذاهب فلذلك نراه يروي عن نحو أربعين من علمائهم كما يذكر رضیاللهعنه في إجازته لابن الخازن :
«وأمّا مصنّفات العامّة ومرويّاتهم فإنّي أروي عن نحو أربعين شيخاً من
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تراثنا : مجلّة فصلية تصدرها مؤسّسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث في قم المقدّسة العدد الأوّل والثاني ٨٥ و٨٦ السنة الثانية والعشرون ١٤٢٧ هجري محرّم / جمادى الآخرة. مقال للباحث زهير الأعرجي.
(١) لا ريب إنّ القواعد تكمن في بعدين : القواعد الأصولية ، القواعد الفقهية : وتعدّ تلك من مقدّمات المجتهد وآليّات الاجتهاد في هذا النطاق كان الشهيد الأوّل مبادراً حيث كتب (القواعد والفوائد) ولم يقتصر في كتابه هذا على القواعد بل استشفّ منها واستخرج مئة فائدة وقد ضمّت هذه الفوائد : اللغوية والأصولية والنحوية ، والمهمّ أنّه كتبها بأسلوب منهجيٍّ ، غير أنّ الأهمّ بدراسته هذه هو اتّخاذ طابع المقارنة.
وكان رائداً في الأسلوب المنهجي في كتابته والتنظير لهذا الاختصاص فهو يصف كتابه لتلاميذه من خلال بعض إجازاته «إنّه لم يعمل الأصحاب مثله» ولهذا فإنّ كثيراً من التالين له من الفقهاء والمجتهدين تعاقبوا عليه بالشرح والتعليق ، انظر القواعد والفوائد : ١٧.