وأصبحوا فيما بعد لقمة سائغة لجميع التيّارات المعادية للإسلام.
لذا من الأهمّية أن يكون المؤرّخ حذراً كلّ الحذر في رصد الروايات التي تأخذ انطباعات متعدّدة في نقلها ، وتاريخنا الإسلامي مليء بهذه التشوّهات التي أخذت مساحة واسعة منه.
وتعدّ البدايات المبكّرة لتدوين تاريخنا الإسلامي على أيدي هؤلاء الإخباريّين الذين جمعوا روايات عن تاريخ العرب في الجاهلية وتاريخ سيرة الرسول(صلى الله عليه وآله) ومغازيه وحوادث الدولة الإسلامية.
وكان حميد بن مسلم الأزدي أحد هؤلاء الرواة الذين تناقلت كتب التاريخ رواياتهم ، على أنّ هناك جملة من المفارقات في هذه الشخصية عند قراءة سيرة حياتها ، إذ أنّه لم يكن ناقلاً للخبر التاريخي فحسب ، بل نجد اسمه في كثير من الأحداث السياسية التي جرت خلال عصره ، إن لم يكن طرفاً مؤثّراً في أحداثها ، كما نجده طرفاً معنيّاً يشار له في الوقائع التاريخية ، كواقعة كربلاء ، وما جرى فيما بعد في الكوفة وخاصّة بعد استشهاد الإمام الحسين عليهالسلام.
ومن هنا كان لابدّ من الاهتمام الجدّي والحثيث في دراسة مثل هذه الشخصيّات التي كان لها دور محوريّ في تدوين التاريخ وتسجيل أحداثه من جهة ، ومن جهة أخرى فإن هناك شطراً مؤثّراً من مجريات الأحداث التي نقلها كان لابدّ لنا من التوقّف عليها في مراجعة المصنّفات التاريخية التي دوّنت رواياته ، والنظر لها بحذر شديد ؛ لأنّها لا شكّ كان ينطوي وراءها