وفي نصّ آخر ينفرد به حميد يذكر الإجراءات السريعة التي اتّخذها عمر بن سعد بعد وصول هذه الرسالة بإرسال عبد الله بن حصين الأزدي إلى معسكر الحسين عليهالسلام ونادى بأعلى صوته : «يا حسين ألا تنظر إلى الماء كأنّه كبد السماء والله لا تذوق منه قطرة حتّى تموت عطشا. فقال الحسين : اللّهم اقتله عطشا ولا تغفر له أبداً. قال حميد بن مسلم : والله لعدته بعد ذلك في مرضه ، فوالله الذي لا إله إلاّ هو لقد رأيته يشرب حتّى بغر ، ثمّ يقيء ثمّ يعود فيشرب حتّى يبغر فما يروى ، فما زال ذلك دأبه حتّى لفظ غصّته يعني نفسه»(١).
٤ ـ روايته لمصارع بني هاشم في ساحة المعركة ، من خلال معاينته لمسيرة المعركة ، فقد نقل مشاهد حيّة انفرد بها عن غيره ، لكونه كان حاضراً لكلّ مشاهدها ، ونقل بعض التفاصيل التي كانت محلّ اعتماد من قبل مؤرّخي المقاتل ، فهو يحدّثنا مرّة عن مصرع عليّ بن الحسين الأكبر عليهماالسلام : «قال : سماع أذني يومئذ من الحسين يقول : قتل الله قوماً قتلوك يا بني ما أجرأهم على الرحمان وعلى انتهاك حرمة الرسول ، على الدنيا بعدك العفاء. قال : وكأنّي أنظر إلى امرأة خرجت مسرعة كأنّها الشمس الطالعة تنادي يا أخيّاه ويا بن أخاه قال فسألت عنها فقيل : هذه زينب ابنة فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلم فجاءت حتّى أكبّت عليه فجاءها الحسين ، فأخذ بيدها ، فردّها إلى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) تاريخ الرسل والملوك ٤/٣١٢ ، الإرشاد ٢/٨٧ ، إعلام الورى بأعلام الهدى ١/٤٥ ، بحار الأنوار ٤٤/٣٨٩.