وتنظيم أمور معاش الطلاّب وإرضائهم ، وعيادة المرضى وتهيئة لوازمهم ، وتجهيز الموتى وتشييعهم ، ترتيب مجالس عزاء سيّد الشهداء عليهالسلام والإطعامات الكثيرة ، وسائر أشغال مرجع عظيم كالمجدّد الشيرازي ، وغير ذلك كالزمن الذي ضاع عليه في الأسفار المذكورة في أوّل ترجمته.
وكانت له عند السيّد المجدّد مكانةٌ ساميةٌ للغاية ، فكان لا يُسمّيه باسمه بل يُناديه بـ : (حاج آغا) احتراماً له ، وورث ذلك عنه أولاده فقد كان ذلك اسم النورىّ في أيّام سكنانا بسامرّاء ، أَفَتَرى أنّ مَن يقوم بهذه الشواغل الاجتماعية المتراكمة من حوله يستطيع أن يعطي المكتبة نصيبها الذي تحتاجه حياتُه العلمية ؟ نعم أنَّ البطل النورىّ لم يكن ذلك كلّه صارفاً له عن أعماله ، فقد خرج له في تلك الظروف ما ناف على ثلاثين مجلداً من التصانيف الباهرة ، غير كثير ممّا استنسخه بخطّه الشريف من الكتب النادرة النفيسة.
أمّا في النجف وبعد وفاة السيّد المجدّد ، فلم يكن وضعه المادّي كما ينبغي أن يكون لمثله ، وأتخطّر إلى الآن أنّه قال لي يوماً : «إنّي أموت وفي قلبي حسرةٌ (١) ، وهي أنّي ما رأيتُ أحداً آخِر عمري يقول لي : يا فلانٌ خُذ هذا المالَ فاصرفه في قلمك وقرطاسك أو اشْتَرِ به كتاباً أو اعْطِهِ لكاتب يُعينك على عملك».
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) كثيرون أولئك الذين يقضون وفي قلوبهم مثلُ هذه الحسرة من رجال هذا الفنّ لكنّ ذلك لا يؤدّي بهم إلى ترك العمل أو الفتور عنه (وكم حسرات في نفوس كرام). (منه).