وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْها وَنَسِيَ ما قَدَّمَتْ يَداهُ إِنَّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً (٥٧) وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤاخِذُهُمْ بِما كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً (٥٨) وَتِلْكَ الْقُرى أَهْلَكْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً (٥٩) وَإِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً (٦٠)
____________________________________
(٥٧) (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ) وعظ (بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْها) فتهاون بها (وَنَسِيَ ما قَدَّمَتْ يَداهُ) ما سلف من ذنوبه ، وباقي الآية سبق تفسيره. وقوله :
(٥٨) (بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ) يعني : البعث والحساب (لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً) ملجأ.
(٥٩) (وَتِلْكَ الْقُرى) يريد : القرى التي أهلكها بالعذاب (أَهْلَكْناهُمْ) أهلكنا أهلها (لَمَّا ظَلَمُوا) أشركوا وكذّبوا الرّسل (وَجَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ) لإهلاكهم (مَوْعِداً).
(٦٠) (وَإِذْ قالَ مُوسى) واذكر إذ قال موسى ، لما في قصّته من العبرة (لِفَتاهُ) يوشع بن نون : (لا أَبْرَحُ) لا أزال أسير (حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ) حيث يلتقي بحر الروم وبحر فارس (أَوْ أَمْضِيَ) إلى أن أمضي (حُقُباً) دهرا طويلا ، وذلك أنّ رجلا أتى إلى موسى عليهالسلام ، فقال : هل تعلم أحدا أعلم منك (١)؟ فقال : لا ، فأوحى الله تعالى إليه : بلى عبدنا خضر ، فسأل موسى عليهالسلام السبيل إلى لقيّه ، فجعل الله تعالى له الحوت آية ، وقيل له : إذا فقدت الحوت فارجع فإنّك ستلقاه ، فانطلق هو وفتاه حتى أتيا الصّخرة التي عند مجمع البحرين ، فقال لفتاه : امكث حتى آتيك ، وانطلق موسى لحاجته ، فجرى الحوت حتى وقع في البحر ، فقال فتاه : إذا جاء نبيّ الله حدّثته ، فأنساه الشّيطان ، فذلك قوله :
__________________
(١) حديث الخضر هذا أخرجه البخاري مطوّلا في التفسير ٨ / ٤٠٩ ؛ ومسلم في الفضائل برقم ٢٣٨٠ ؛ والترمذي في التفسير برقم ٣١٤٨ ؛ والنسائي في التفسير ٢ / ٨ ؛ وأبو داود برقم ٤٧٠٥.