فَناداها مِنْ تَحْتِها أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (٢٤) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا (٢٥) فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (٢٦) فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَها تَحْمِلُهُ قالُوا يا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا (٢٧) يا أُخْتَ هارُونَ ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (٢٨) فَأَشارَتْ إِلَيْهِ قالُوا كَيْفَ
____________________________________
(٢٤) (فَناداها مِنْ تَحْتِها أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا) نهر ماء جار ، وكان تحت الأكمة نهر قد انقطع الماء منه ، فأرسل الله سبحانه الماء فيه لمريم.
(٢٥) (وَهُزِّي) وحرّكي (إِلَيْكِ) إلى نفسك (بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ) النّخلة (عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا) غضّا ساعة جني ، وذلك أنّ الله تعالى أحيا لها تلك النّخلة بعد يبسها ، فأورقت وأثمرت وأرطبت.
(٢٦) (فَكُلِي) من الرّطب (وَاشْرَبِي) من الماء السّري (وَقَرِّي عَيْناً) بولدك (فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً) فسألك عن ولدك ، ولامك عليه (فَقُولِي : إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً) صمتا ، أي : قولي له : إني أوجبت على نفسي لله سبحانه أن لا أتكلّم ، وذلك أنّ الله تعالى أراد أن يظهر براءتها من جهة عيسى عليهالسلام يتكلّم ببراءة أمّه وهو في المهد ، فذلك قوله : (فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا).
(٢٧) (فَأَتَتْ بِهِ) بعيسى بعد ما طهرت من نفاسها (قَوْمَها تَحْمِلُهُ قالُوا يا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا) عظيما منكرا ، ولدا من غير أب!
(٢٨) (يا أُخْتَ هارُونَ) كان لها أخ صالح من جهة أبيها يسمّى هارون. وقيل (١) : هارون رجل صالح كان من أمثل بني إسرائيل ، فقيل لمريم : يا شبيهته في العفاف (ما كانَ أَبُوكِ) عمران (امْرَأَ سَوْءٍ) زان (وَما كانَتْ أُمُّكِ) حنّة (بَغِيًّا) زانية ، فمن أين لك هذا الولد من غير زوج؟
(٢٩) (فَأَشارَتْ) إلى عيسى بأن يجعلوا الكلام معه ، فتعجّبوا من ذلك وقالوا : (كَيْفَ
__________________
(١) وهذا قول قتادة. أخرجه ابن جرير الطبري ١٦ / ٧٧.