أن ننصرف نحن ، فيأخذ كتاب بعضنا فيقرأ عليه ، ويغير ويزيد وينقص. فمن هنا وقع الاختلاف بين النسختين».
يقول السمّرىّ فى صدر الكتاب : «هذا كتاب فيه معانى القرآن ، أملاه علينا أبو زكريا يحيى بن زياد الفرّاء ـ يرحمهالله ـ عن حفظه من غير نسخة ، فى مجالسه أوّل النهار من أيام الثلاثاوات والجمع فى شهر رمضان وما بعده من سنة اثنتين ، وفى شهور سنة ثلاث وشهور من سنة أربع ومائتين». فقد أملاه إذن قبل أن يرد المأمون بغداد من خراسان ، إذ كان دخوله بغداد سنة ٢٠٤. وإذا كان الفرّاء ألّف (الحدود) والمأمون فى بغداد فإن (المعاني) يكون تأليفه قبل تأليف (الحدود). وفى تاريخ بغداد ما يقضى بخلاف هذا ؛ ففيه فى الكلام على الحدود : «فبعد أن فرغ من ذلك ـ أي الحدود ـ خرج إلى الناس وابتدأ يملى كتاب المعاني». ويبدو أن هذا كلام غير دقيق.
السّمرىّ راوية الكتاب
وهنا يحسن أن نعرض لحياة السّمرى. فهو أبو عبد الله محمد بن الجهم ابن هارون الكاتب. والسمري نسبة إلى سمّر : بلد بين البصرة وواسط. وقد ولد السمّرىّ فى حدود سنة ١٨٨ ، فقد كانت وفاته سنة ٢٧٧ وله تسع وثمانون سنة.
وفى غاية النهاية فى طبقات القرّاء لابن الجزرىّ أن وفاته كانت سنة ثمان ومائتين. ويبدو أن هذا سهو من الكاتب ، أو أن فى الكلام سقطا ؛ والأصل : سنة ثمان وسبعين ومائتين.