ومن ناحية أخرى تعرض المحقق صاحب الكفاية (قده) في المقام للبحث عن جهة أخرى ، وهي ان الطلب هل يتحد مع الإرادة أولا فيه وجوه وأقوال : قد اختار (قده) القول بالاتحاد ، وإليك نصّ مقولته.
«فاعلم ان الحق كما عليه أهله ، وفاقاً للمعتزلة ، وخلافاً للأشاعرة هو اتحاد الطلب والإرادة بمعنى ان لفظيهما موضوعان بإزاء مفهوم واحد ، وما بإزاء أحدهما في الخارج يكون بإزاء الآخر ، والطلب المنشأ بلفظه أو بغيره عين الإرادة الإنشائية. وبالجملة هما متحدان مفهوماً وإنشاءً وخارجاً ، لا ان الطلب الإنشائي الّذي هو المنصرف إليه إطلاقه ، كما عرفت متحد مع الإرادة الحقيقية التي ينصرف إليها إطلاقها أيضا ، ضرورة ان المغايرة بينهما أظهر من الشمس ، وأبين من الأمس ، فإذا عرفت المراد من حديث العينية والاتحاد ، ففي مراجعة الوجدان عند طلب شيء والأمر به حقيقة كفاية ، فلا يحتاج إلى مزيد بيان وإقامة برهان ، فان الإنسان لا يجد غير الإرادة القائمة بالنفس صفة أخرى قائمة بها يكون هو الطلب غيرها ، سوى ما هو مقدمة تحققها عند خطور الشيء ، والميل ، وهيجان الرغبة إليه ، والتصديق لفائدته ، والجزم بدفع ما يوجب توقفه عن طلبه لأجلها ، وبالجملة لا يكاد يكون غير الصفات المعروفة ، والإرادة هناك صفة أخرى قائمة بها يكون هو الطلب ، فلا محيص الا عن اتحاد الإرادة والطلب ، وان يكون ذاك الشوق المؤكد المستتبع لتحريك العضلات في إرادة فعله بالمباشرة ، أو المستتبع لأمر عبيده به فيما لو اراده ، لا كذلك مسمى بالطلب والإرادة ، كما يعبر به تارة ، وبها أخرى كما لا يخفى».
ما أفاده (قده) يحتوي على عدة نقاط : ١ ـ اتحاد الإرادة الحقيقية مع الطلب الحقيقي. ٢ ـ اتحاد الإرادة الإنشائية مع الطلب الإنشائي. ٣ ـ مغايرة الطلب الإنشائي للطلب الحقيقي ، والإرادة الإنشائية للإرادة