الحقيقة ولم يبرهن (قده) على هذه النقاط ، بل أحالها إلى الوجدان.
ولنأخذ بالنظر في هذه النقاط :
أما الأولى فهي خاطئة جداً والسبب في ذلك ان الإرادة بواقعها الموضوعي من الصفات النفسانيّة ، ومن مقولة الكيف القائم بالأنفس. وأما الطلب فقد سبق أنه من الأفعال الاختيارية الصادرة عن الإنسان بالإرادة والاختيار ، حيث أنه عبارة عن التصدي نحو تحصيل شيء في الخارج. ومن هنا لا يقال طالب الضالة ، أو طالب العلم الا لمن تصدى خارجاً لتحصيلهما ، وأما من اشتاق إليهما فحسب وأراد فلا يصدق عليه ذلك ، ولذا لا يقال طالب المال أو طالب الدنيا لمن اشتاق وأرادهما في أفق النّفس ، ما لم يظهر في الخارج بقول أو فعل.
وبكلمة أخرى ان الطلب عنوان للفعل سواء أكان الفعل نفسانياً أم خارجياً ، فلا يصدق على مجرد الشوق والإرادة النفسانيّة ، ويظهر ذلك بوضوح من مثل قولنا طلبت زيداً ، فما وجدته ، أو طلبت من فلان كتاباً مثلا ، فلم يعطني ، وهكذا ، ضرورة أن الطلب في أمثال ذلك عنوان للفعل الخارجي ، وليس إخباراً عن الإرادة والشوق النفسانيّ فحسب ، ولا فرق في ذلك بين ان يكون الطلب متعلقاً بفعل نفس الإنسان وعنواناً له كطالب الضالة وطالب العلم وما شاكلها وان يكون متعلقاً بفعل غيره وعلى كلا التقديرين فلا يصدق على مجرد الإرادة. وقد تحصل من ذلك أن الطلب مباين للإرادة مفهوماً ومصداقاً ، فما أفاده (قده) من أن الوجدان يشهد باتحادها خطأ جداً.
وأما النقطة الثانية فقد ظهر نقدها مما أوردناه على النقطة الأولى ، وذلك لما عرفت من أن الطلب عنوان للفعل الخارجي أو الذهني ، وليس منشأ بمادة الأمر ، أو بصيغتها ، أو ما شاكلها. فاذن لا موضوع لما