بيان ذلك : ان الفعل إذا كان متعدياً كفى في اتصاف فاعله به قيامه به قيام صدور وإيجاد ، وأما الزائد على هذا فغير معتبر فيه ، وذلك كالقابض والباسط ، والخالق ، والرازق ، والمتكلم ، والضارب ، وما شاكلها ، وأما إذا كان لازماً فلا يكفي في اتصافه به صدوره منه ، بل لا بد في ذلك من قيام المبدأ به ، قيام الصفة بالموصوف ، والحال بالمحل ، وذلك كالعالم والنائم ، والقائم ، وما شاكله.
وعلى ضوء هذا الضابط يظهر وجه عدم صحة إطلاق النائم ، والقائم عليه تعالى ، كما يظهر وجه صحة إطلاق ـ العالم ، والخالق ، والقابض. والباسط ، والمتكلم ، وما شابه ذلك ـ عليه سبحانه وتعالى هذا من ناحية ومن ناحية أخرى يظهر وجه عدم صحة إطلاق المتكلم على الهواء ، وإطلاق الضارب على من وقع عليه الضرب ، وهكذا.
(الرابع) ان الكلام كما يصح إطلاقه على الكلام اللفظي الموجود في الخارج ، كذلك يصح إطلاقه على الكلام النفسيّ الموجود في الذهن ، من دون لحاظ عناية في البين. ومن هنا يصح ان يقول القائل : إن في نفسي كلاماً لا أريد أن أبديه. وشهد على ذلك قوله تعالى : (وأسروا قولكم أو جهروا به إنه عليم بذات الصدور) وقوله تعالى (وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله) ونحوهما مما يدلنا على ذلك ، وهذا الموجود المرتب في النّفس هو الكلام النفسيّ ، ويدل عليه الكلام اللفظي.
وجوابه يظهر مما ذكرناه آنفاً من أن هذا الموجود المرتب في النّفس ليس من سنخ الكلام ليكون كلاماً نفسياً عند القائلين به ، بل هو صورة للكلام اللفظي. ومن هنا قلنا ان ذلك لا يختص بالكلام ، بل يعم كافة أنواع الأفعال الاختيارية.
وبكلمة واضحة ان أرادوا به أن يكون لكل فعل فردان : فرد