(٣) نظرية الأشاعرة
مسألة الجبر ونقدها
استدلوا على الجبر بوجوه :
(الأول) ما إليكم نصه : «لو كان العبد موجداً لأفعاله بالاختيار والاستقلال لوجب ان يعلم تفاصيلها واللازم باطل ، وأما الشرطية أي الملازمة فلان الأزيد والأنقص مما أتى به ممكن ، إذ كل فعل من أفعاله يمكن وقوعه منه على وجوه متفاوتة بالزيادة والنقصان ، فوقوع ذلك المعين منه دونهما لأجل القصد إليه بخصوصه والاختيار المتعلق به وحده مشروط بالعلم به كما تشهد به البداهة ، فتفاصيل الأفعال الصادرة عنه باختياره لا بد أن تكون مقصودة معلومة ، وأما بطلان اللازم فلان النائم وكذا الساهي قد يفعل باختياره كانقلابه من جنب إلى جنب آخر ، ولا يشعر بكمية ذلك الفعل وكيفيته».
والجواب عنه ان دخل العلم والالتفات في صدور الفعل عن الفاعل بالاختيار أمر لا يعتريه شك ولم يختلف فيه اثنان ، وبدون ذلك لا يكون اختيارياً هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى ان العلم المعتبر في ذلك انما هو العلم بعنوان الفعل والالتفات إليه حين صدوره بان يعلم الإنسان ان ما يصدر منه في الخارج ينطبق عليه عنوان شرب الماء مثلا أو الصلاة أو الصوم أو الحج أو قراءة القرآن أو السفر إلى بلد أو التكلم أو ما شابه ذلك ومن الواضح انه لا يعتبر في صدور هذه الأفعال بالاختيار أزيد من ذلك فإذا علم الإنسان بالصلاة بما لها من الاجزاء والشرائط وأتى بها كذلك فقد