ودلَّ عليه شيء؟ فالبصريّون لا يجيزون تقدّم الجواب على الأداة وفعل الشرط ، ذلك أنّ جواب الشرط يكون محذوفاً إنْ تقدَّم على أداة الشرط وفعل الشرط ، كما في : (أنت ظالمٌ إنْ فعلْتَ) ، وأنّ المذكور المتقدِّم دليلٌ عليه ، ذلك أنّ أدوات الشرط عندهم لها الصدارة في الكلام وأنّ رتبة الجزاء تأتي بعد رتبة الشرط ، لأنّ الشرط سببٌ في الجزاء ، وأنّ الجوازم من العوامل الضعيفة ، والعامل الضعيف لا يقوى على العمل وهو متأخِّر عن معموله ، واشترطوا صحّة التقديم في حال كون فعل الشرط ماضياً في اللفظ أو في المعنى ، إذ يجوز أنْ يقال عندهم : (آتِيكَ إنْ أتيتَني) ، ولا يجوز أنْ يقال :(آتيك إنْ تأتني) ، والسبب في ذلك أنَّ فعل الشرط في الاُولى (أتيتني) ماض ، وفي الثانية (تأتني) مضارع ، فَحُذِفَ الجواب ، وما تقدّم من شبه الجواب وهو (آتيك) ليس جواباً إنَّما هو دالٌّ عليه ، أي (آتيك إنْ أتيتني آتيك)(١). أمَّا الكوفيّون فيرون أن لا حذف لجواب الشرط ، إنَّما هو عينه المتقدّم على الأداة(٢) ، ويرى بعض المحدثين أنَّه على الرغم من هذه الولادة الجديدة أو التغيير الذي طرأ على الجملة الشرطية وما يترتّب على ذلك من دلالة ، يجب المحافظة على الرتب وإن تقديراً(٣). ومنهم مَنْ يرى أنَّ هذا التقديم في عناصر الجملة الشرطية ولاسيّما في الأدوات (مَنْ ، ما ، متى ،
__________________
(١) ينظر : كتاب سيبويه : ٣/٦٦ ، والمقتضب : ٢/٦٨ ، والخصائص : ٢/٣٨٩ ـ ٣٩٠ والمفصّل في صنعة الإعراب ٤٤١ ، وهمع الهوامع : ٢/٥٥٩.
(٢) ينظر : الإنصاف (م ٨٧) ٢/٥١٤.
(٣) ينظر : في النحو العربي نقد وتوجيه : ٢٨٩.