أينما) يُحوِّل أداة الشرط إلى اسم موصول يُعرَبُ فاعلاً ، ومعنى ذلك أنّ الجملة تتحوّل إلى جملة فعلية بعد أنْ كانت اسمية قبل التقديم ، فيذهب بذلك معنى الشرط منها(١).
وأقول : إنّ الثابت في الأحكام النحوية أنّ العدول بالتراكيب عن الترتيب الأصلي يوجب تغيّراً في الأحكام وفي المعنى ، ولنا أن نتساءل عن هذا التغيّر في تركيب الشرط المعدول هذا ، ولربّما يكون الجواب عن تغيّر الحكم بأنّ الجملة الشرطية التي تقدّم فيها ما يشعر بجواب الشرط هي جملة ناقصة من حيث الصنعة النحوية ، حُذف منها الجواب ، لكنّها تامّة الفائدة ، مكتفية بترتيبها الجديد ، ذات دلالة مميّزة مختصّة بالعناية بالجواب المتقدّم ، فبالتقديم يحصل تخصيص ، أو اهتمام بالمقدّم أو عناية أكبر(٢) ، وهذا يختلف عن معنى الجملة قبل التقديم.
وهو معنى راجح ، ذلك أنّ العلل التي ذكرها جمهور النحويّين غير مقنعة ، إذ إنّ الصدارة في الكلام ، والرتبة ، والسببية ، والنتيجة ، تصطدم كلّها بالتقدّم من أجل العناية بالمتقدِّم ، ولأنّ ضعف العامل وقوّته مسألة عقلية لا ترتبط بالاستعمال اللغوي ، فالمتكلّمُ له أن يُعنى بالجواب أو ما يُشعِرُ به فيقدِّمه ، عنايةً به ، وإغراءً للسامع ، إن كانت النتيجة هي المطلوبة.
وقد ورد هذا الترتيب في نصّ الزيارة الجامعة في ثمانية مواضع ، في
__________________
(١) ينظر : من وظائف الصوت اللغوي : ٦٨.
(٢) ينظر : دلائل الإعجاز : ١/١٠٧ ، والإيضاح في علوم البلاغة : ٢/٥٠ ، ١٦٥.