قوله عليهالسلام : «سَعَدَ مَنْ وَالاكُمْ ، وَهَلَكَ مَنْ عَادَاكُمْ ، وَخَابَ مَنْ جَحَدَكُمْ ، وَضَلَّ مَنْ فَارَقَكُمْ ، وَفَازَ مَنْ تَمَسَّكَ بِكُمْ ، وَأَمِنَ مَنْ لَجَأَ إِلَيْكُمْ ، وَسَلِمَ مَنْ صَدَّقَكُمْ ، وَهَدِيَ مَنْ اعْتَصَمَ بِكُمْ»(١).
ففي هذه المواضع ورد فعل الشرط وجوابه ماضياً ، وقُدِّمَ الجواب (سَعَدَ ، هَلَكَ ، خابَ ، ضلَّ ، فازَ ، أمِنَ ، سَلِمَ ، هدِيَ) ، وهذا يستدعي التوقّف عنده ، فقد يكون تقدّم الجزاء للعناية ، أو الترغيب به ، لأنّه غاية ما يرجوه المتلقّي من تقرّبه من أهل البيت عليهمالسلام مثل (سعد ، فاز ، أمن ، سلم ، هدي) ، وقد يكون الغرض منه الترهيب أو التخويف أو بيان المآل ، مثل (هَلَكَ ، خَاب ، ضَلَّ) ، فالعناية كانت بالجزاء أو النتيجة التي يؤول إليها الحال ترغيباً تارة ، وترهيباً وتخويفاً تارة أخرى ، لأنَّ مضمون الشرط «سبب ونتيجة»(٢). ثم إنّ تقديم هذه الأفعال الماضية مؤذنٌ بحتمية تحقّقها ، فهو إخبار واقع قد تيقّن مُخبِرُه بوقوعه ، ومضى عنده فعله ، فرآه على حقيقته فأخبر به إخبار إحاطة لا تحصيل.
ويتنوّع فعل الشرط وجوابه بين الفعلية والاسمية لكن الفعلية هي الغالبة عليهما ، فيجب في جملة الشرط أن تكون فعلية ، أمّا جملة الجواب فالأصل فيها أن تكون فعلية ويجوز أن تكون اسمية(٣) ، فإنْ كانتا فعليّتين يكون
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه : ٢/٣٨٨.
(٢) الجملة الشرطية في نهج البلاغة : ٢٨.
(٣) ينظر : شرح ابن عقيل : ٤/٣٢.