قلت : قد قال قومٌ : إنّه أوصى ، وقال آخرون : إنّه لم يوصِّ.
فقال البغدادي : إنّا لله ، لئن كان رسول الله لم يُوَصّ ، فقد ترك سنّةً من سنن الله (عزّ وجلّ) [التي] أمر بها في كتابه ، ولقد ترك الناسَ حيارى مضلّين ، وحوشي من هذا ، ولئن كان أوصى فلقد كفروا بمخالفة وصيّته.
قلت : أدّى خيارهم إلاّ أنّه لم يُوَصّ.
قال : فلماذا قدّم عليه أبو بكر ، وقد كان أهلُ بيته أولى بموضعه؟
قلتُ : إنّ أبا بكر وُلّي برضى المسلمين به.
قال : قد كان الخلاف يومئذ أشهر وأعظم ؛ أليس الزبير أتى بسيف مشهور في يده؟ وقال : كلاّ [لا] يملكها أحد دون عليّ مادام سيفي هذا بيدي ، فقام عمر بن الخطّاب يحدّثه حتّى أدلى السيف من يده(١).
وهذا سلمان يقول : «كردي ونكردي» ـ بالفارسيّة ـ أي عملتم ولم تعملوا(٢).
__________________
(١) إشارة إلى حين انصرف عليّ عليهالسلام وبنو هاشم إلى منزل عليّ عليهالسلام ومعهم الزبير ، فذهب إليه عمر في جماعة ممّن بايع ، فقالوا لهم : بايعوا أبا بكر فقد بايعه الناس ، فوثب الزبير إلى سيفه ، فقال عمر : عليكم بالكلب العقور فاكفونا شرّه ، فبادر سلمة بن سلامة فانتزع السيف من يده ، فأخذه عمر فضرب به الأرض فكسره (راجع : الاحتجاج : ١ / ٩٥ ، الإمامة والسياسة : ١ / ١٨ ، تقريب المعارف : ٣٢٧ ، شرح نهج البلاغة : ٦ / ١١).
(٢) كان كلامه على سياق فارسيّ قديم قاله لأبي بكر ، وكامله : كردي ونكردي وحقّ أمير (ميره) ببردي ، أي عملت ولم تعمل وغصبت حقّ أمير المؤمنين عليهالسلام.