ولِمَ يقاس مَن صدّق وأجاب وتابع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بمَن لم يره؟
فتبسّم ضاحكاً ، وقال : هذه خديجة بنت خُويلد أوّل مَن صدّقت من النساء ، وهذا عليّ بن أبي طالب أوّل مَن صدّق من الرجال ، فلِمَ لا تسمّوهما صدّيقين مع أنّ عليّاً ـ صلوات الله عليه ـ هو الصدّيق الأكبر والفاروق الأعظم ، الذي فرّق بين الحقّ والباطل بسيفه في الحرب وبلسانه في العلم؟!
فقلت : إنّ عليّاً عليهالسلام وقت مبعث رسول الله (صلّى الله عليه وآله) كان غلاماً صغيراً ، وليس إسلام الصغير مثل إسلام الكبير.
فقال : وهذا أيضاً أشدّ لعمى قلوبكم وبصائركم ، أتقولون أنّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله) دعاه إلى الإيمان أو لم يَدعُه؟ فإن قلتم : إنّه لم يدعه فقد كفرتم ؛ لأنّ الله سبحانه وتعالى أمره أن يدعوا الصغير والكبير والحرّ والعبد.
وإن قلتم : إنّه دعاه وأجاب الدعوة فما فضل الكبير على الصغير ، والدعوة واحدة ، والسابق إليها أفضل من المتخلّف ، فإنّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله) لم يدعه إلاّ وهو مكلّفٌ عاقلٌ وآخذ منهاج النبيّ (صلّى الله عليه وآله) ، ووهب نفسه لله ولرسوله فضيلة من الله تعالى فضلّه على الخلق جعلتموها بجهلكم نقصاً ، وقد نطق القرآن بمدح الصغير في غير موضع ، وأنّ الله قد رضي عمل الصغير ، واصطفى الصغير في غير موضع ، إذ يقول عزّ من قائل