ولم نر الصغير(١) في كتاب الله مذموماً ولا منقوصاً لصغر سنّه ؛ بل نراه ممدوحاً مذكوراً.
فقلت : رحمك الله ، من الناس يفضّلون أبا بكر ؛ لأنّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله) قدّمه إلى الصلاة بالناس.
قال : يا أبا الهذيل ، كيف يأمره النبيّ (صلّى الله عليه وآله) وهو مخرجه في جيش أُسامة(٢) ، ثمّ خرج متّكئاً على يد عليّ بن أبي طالب والفضل بن العبّاس ، فأخرج أبا بكر وصلّى بالناس(٣)؟! هذا لا يجوز لأنّ الصلاة غير تامّة لخروجه ، وأيّ شيء أنقص من هذا وأنتم تجعلونه حسباً؟!
وأيضاً فأنتم ترون الصلاة خلف كلّ برّ وفاجر ، تروون ذلك ، وأيّ فضل له بالصلاة ، وهو أنّ الفاجر عندكم فيها سواء ، ولا يعلمون أنّ الفاجر لا تقبل شهادته ، فكيف يقلّد للصلاة؟ وإنّما يجب أن يكون الإمام يعرف الحلال والحرام ، ويحفظ القرآن ، ويعرف التأويل ، ويفهم الأحكام ، ويعرف الناسخ
__________________
(١) في الأصل قوله : (ولم نر الصغير) مكرّر.
(٢) تجهيز جيش أُسامة وتخلّف جماعة عنه معروف ومشهور نقله المؤالف والمخالف ، وهو أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) جهّز جيش أُسامة ، وولاّه على جماعة منهم أبو بكر وأمره بالخروج ، والنبيّ (صلّى الله عليه وآله) يقول : «جهّزوا جيش أُسامة ، لعن الله من تخلّف عن جيش أُسامة» ، وذلك لما خاف منه ومن جماعته أن يبدّلوا أمره.
(٣) قد نقل العامّة قصّة صلاة أبي بكر بصور متعدّدة مع أنّها قصّة واحدة ، وقد كتب سماحة الأستاذ السيّد عليّ الميلاني رسالة في هذا الموضوع بعنوان : (رسالة في صلاة أبي بكر) ، فعليك بمطالعة هذه الرسالة.