المنوّرة من اهتمام ، أنّ جدلاً كثيراً حدث بين العلماء حول أفضلية مكّة المكرّمة على المدينة المنوّرة ، أو العكس ، شارك فيه كثير من علماء المذاهب الإسلامية ، حتّى أنّ الإمام جلال الدين السيوطي (ت ٩١١ هـ/ ١٥٠٥ م) ألّف رسالة صغيرة في هذا الشأن سمّاها : الحجج المبينة في التفضيل بين مكّة والمدينة قرّر فيها تفضيل المدينة المنوّرة على مكّة المكرّمة بقوله : «الذي تميل إليه النفس تفضيل المدينة»(١).
وقد تَنَاولَ السيّد علي خان المدني (ت ١١٢٠ هـ/ ١٧٠٨ م) مسألة الصلاة في مكّة المكرّمة والمدينة المنوّرة وأضرحة آل البيت ، وبَيَّن أفضليّتها على بعضها ورجّح استحباباً مجاورة مكّة المكرّمة خلافاً لما ذكره غيره مستنداً في ذلك على ما رواه ابن بابويه ، فقال : «وأمّا كون الصلاة في المسجد الحرام أفضل من الصلاة في مسجد النبيّ (صلى الله عليه وآله) فيدلّ صريحاً ما رواه رئيس المحدّثين أيضاً في كتاب ثواب الأعمال بإسناده عن مسعد بن صدفه عن الصادق عليهالسلام قال : (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) صلاةٌ في مسجدي تعدل عند الله عشرة آلاف صلاة في غيره من المساجد إلاّ المسجد الحرام ؛ فإنّ الصلاة فيه تعدل ألف صلاة في مسجدي) ، وفي هذا المعنى أخبار أخر»(٢).
ثمّ إنّ المستفاد به في ذلك ما جاء من أحاديث آل البيت عليهمالسلام ، في كون
__________________
(١) الحجج المبيّنة في التفضيل بين مكّة والمدينة : ٤٣.
(٢) رياض السالكين في شرح صحيفة سيّد الساجدين الإمام علي بن الحسين عليهالسلام ١/٤٧٦ ـ ٤٧٧.