ثالثاً : مظاهر النشاط العلمي في مكّة والمدينة
تعدّدت الأسباب والبواعث التي كانت تدفع علماء الأمصار من مختلف بقاع العالم الإسلامي إلى اتّخاذ المدينتين المقدّستين : (مكّة المكرّمة) و (المدينة المنوّرة) مكاناً للسكن والإقامة الدائمة أو المؤقّتة ، وحيث إنّ الدراسة تستهدف بالبحث رصد مظاهر النشاط العلمي لعلماء الإمامية من الذين اتّخذوا من هاتين المدينتين مقرّاً لإقامتهم ، فإنّنا سنحاول هنا إبراز أهمِّ هذه الأدوار العلمية التي نهضوا بها في بلاد الحرمين ، من خلال الاستشهاد بنماذج محدودة نرى أنّها تصلح إلى حدّ بعيد في الخروج باستنتاج قابل للتعميم وصولاً إلى نتائج معيّنة في الموضوع.
١) المجاورة :
رغم اختلاف الدوافع وتباين الأهداف التي كانت تدفع علماء الإسلام على مرّ العصور إلى الارتشاف الإيماني من ربوع أقدس البقاع وأطهرها في مكّة والمدينة ، إلاّ أنّ المقطوع به أنّ هذه الفئة ساهمت بشكل كبير في إثراء الحركة العلمية ومدّها بأسباب النموّ والازدهار ، وكما كانت الأهداف تتباين ، كانت المدّة التي يرغب المسلم المتعطّش لقضائها مجاوراً بيت الله الحرام أو قبر النبي (صلى الله عليه وآله) طامحاً في التعرّض للنفحات القدسية المباركة تختلف بدورها ؛ فمن هؤلاء من ربط بقاءه بنهاية أداء النسك ، ومنهم من مكث فيها فترة من