الكُوفيّين وثقاتهم ومحدّثيهم ، قال النجاشي : «أخبرني ابن شاذان قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى عن سعد عن أحمد بن محمّد بن عيسى قال : خرجت إلى الكوفة في طلب الحديث فلقيت بها الحسن بن علي الوشّاء فسألته أن يُخرج إليّ كتاب العلاء بن رزين القلاّء وأبان بن عثمان الأحمر ، فأخرجهما إليّ فقلت له : أحبّ أن تجيزهما لي ، فقال لي : يا رحمك الله وما عجلتك؟ اذهب فاكتبهما واسمع من بعد ، فقلت : لا آمن الحدثان ، فقال : لو علمت أنّ هذا الحديث يكون له هذا الطلب لاستكثرت منه ، فإنّي أدركت في هذا المسجد تسعمائة شيخ كلٌّ يقول حدّثني جعفر بن محمّد»(١) ، ويغلب الظنّ أنّ هذه الحادثة وقعت في بداية القرن الثالث للهجرة ، وهي تشير بوضوح أنّ مدرسة الكوفة كانت تحتلّ موقع الصدارة بين الحواضر الشيعية ، وهي لا زالت تستأثر بالسيادة على بقيّة المدارس ، ولا زال بريقها يأسر عيون الرجال الباحثين عن علوّ الأسناد وصحّة المتن.
إنّ استقراء المصنّفات الحديثية الكُوفية في القرن الثالث الهجري يؤشّر لنا حجم التنوّع المعرفي الذي أنتجه المُحَدِّثون الكُوفيّون ، وأبرز ملامحه عملية التخصّص في رواية الحديث وفي التأليف ، بحيث لم يتركوا مجالاً من مجالات المعرفة والعلوم الدينية إلاّ وتركوا فيه بصمة وأثراً شاخصاً في عالم التصنيف.
المصنّفات العقائدية :
أظهر الاتّجاه التصنيفي للمحدّثين الكُوفيّين في القرن الثالث الهجري
__________________
(١) رجال النجاشي ص٣٩.