القرآن)(١) ، وليس انتهاءً بظهور جماعات التشبيه والتجسيم في الخطّ السلفي المتشدّد ، وجماعات الغلوّ والارتفاع ، والزندقة والإلحاد ، التي ما برحت تنغمس في المجتمع الإسلامي ، وتنتشر بين أبنائه مع انتشار كتب الفلسفة وأفكارها ، بفضل ١سياسة (الانفتاح) الفكري التي اتّبعتها السلطة العبّاسية ، يقول السيّد حسن الصدر : «ترجمت كتب متعدّدة في أوائل القرن الثالث الهجري من اليونانية والسريانية وغيرها إلى العربية ؛ وآنذاك ، أصبحت طريقة التفكّر الفلسفي في متناول أيدي العموم»(٢).
إنّ التنوّع في الأفكار والمباحث الفلسفية المطروحة ، وتعدّد المدارس والنحل ذات التأسيس العقدي ، انعكس في تنوّع المباحث التوحيدية وتفريعاتها ، ومنها البحث في صفات الله تعالى وشؤونات ذاته المقدّسة ، ومسائل الخلق وابتداء العالم ، والعقيدة في عصمة الأنبياء ، وتمييز الفكر الإسلامي عن شوائب ودرنات الفكر الإسرائيلي ، ومباحث القضاء والقدر ، والبحث في أفعال العباد ، ومسائل الجبر والتفويض ، وتعريف المصطلحات
__________________
(١) كان في رجال العامّة الكُوفيّين بعض الرواة الذين وقفوا موقفاً صلباً من مسألة خلق القرآن ، وقاوموا ضغط السلطة وتهديداتها ، ومنهم (عمرو بن حمّاد بن زهير التيمي) ، وهو مولى آل طلحة الكُوفي ، توفّي سنة (٢١٩ هـ) ، وكان من شيوخ أحمد والبخاري ويحيى بن معين ، وقد امتحن وعذّب لأجل امتناعه عن القول بخلق القرآن ، لمّا بلغ كتاب المأمون إلى الكوفة وسئل عن فحواه ، فقال : إنّما هو ضرب الأسواط ، وقال : رأسي أهون علىّ من هذا ، ولم يزل مصرّاً على امتناعه حتّى مات سنة (٢١٩ هـ). راجع : تهذيب التهذيب ٨/٢٤٧.
(٢) الشيعة في الإسلام ص٨٧.