رابعاً : أعلام الإمامية في بلاد الحرمين
تبيّن أنّ مجتمع مكّة والمدينة كان يضمّ بين جنباته وجوداً إماميّاً مهمّاً ، وكان وجود الإماميّين في هاتين البقعتين المطهّرتين ليس حدثاً طارئاً ، بل كان يمثّل أحد خصائص المجتمع المكّي والمدني منذ القدم ، إلاّ أنّه كان يتأثّر بالظروف السياسية والاجتماعية سلباً أو إيجاباً ، فنرى أنّه ينحسر في بعض الفترات ، فيما يتميّز بحيوية ثقافية وبروز اجتماعي ملفت في فترات أخرى.
ومن الصعوبة تصوّر أنّ هاتين المدينتين قد خلتا تماماً من الوجود الشيعي الإمامي فيهما حتّى في أشدّ الظروف قسوة على أتباع أهل البيت عليهمالسلام ، والذي يحملنا على الاعتقاد باستمرارية الوجود الإمامي وعدم انقطاعه ما تمثله هاتان الحاضرتان من قدسية ومكانة في قلوب المسلمين عامّة وأتباع أهل البيت عليهمالسلام بشكل خاص ، وذلك لوجود خمسة من مراقد الأئمّة المعصوميين عليهمالسلام إلى جانب قبر النبي (صلى الله عليه وآله) والمسجد الحرام قبلة المسلمين.
وقد حفلت مكّة المكرّمة والمدينة المنوّرة في القرن الحادي عشر الهجري (السابع عشر الميلادي) بمجموعة كبيرة من العلماء الإمامية الذين زاولوا التدريس في الحرم المكّي والمدني وما حولهما من مدارس ومساجد ودور ، وألّفوا كتباً في موضوعات شتّى إلى جانب عدد من الشعراء والأدباء وعلماء الفلك والأطبّاء الذين أثّروا في مسار الحركة العلمية الإسلامية.