سليمان الماحوزي في رسالته جواهر البحرين : قال صاحب السلافة ـ أبقاه الله ـ في تقريظه ونعم ما قال : هو للعلم علم ، وللفضل ركن ومستلم ، مديد في الأدب باعه ، جليد كريم خيمه وطباعه ، خُلّد في صفحات الدهر ومحاسن آثاره ، وقلّد جيد الزمن قلائد نظامه ونثاره ، فهو إذا قال صال ، وعنت لشبا لسانه النصال ، ولا يحظرني من شعره غير ما أنشدنيه شيخنا العلاّمة جعفر بن كمال الدين البحراني :
لا بلغتني إلى العلياء عارفتي |
|
ولا ادّعتني العلى يوماً لها ولدا |
إن لم أمر على الأعداء مشربهم |
|
مرارة ليس يحلو بعدها أبدا |
انتهى كلامه ، حرس الله ربوع الأدب بحراسة مهجته ، وشيّد قصور الكمال بدوام سلامته.
وقد سلك أدباء العصر مسلكه في هذين البيتين ، وغاصوا على جواهر البحار ، وما قصّروا في مجاراتهما في ذلك المضمار ، كما ذكرناه في المجلّد الثالث من مجلّدات أزهار الرياض. وهذا يسمّى في علم البديع بالتأكيد القسمي ، وأوّل من ابتكره وافترع عرائسه وابتدعه ، واجتنى نفائسه ، مالك بن الحارث الأشتر النخعي ، سقى الله ثراه صوب العهاد ، وأكرمه بالكرامات القدسية يوم المعاد ، وهو من أعاظم أصحاب مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام وخواصّ شيعته المجاهدين معه في كلّ مقام فقال :
نحّيت وفري وانصرفت عن العلى |
|
ولقيت أضيافي بوجه عبوس |
إن لم أشنّ على ابن حرب غارة |
|
لم تخل يوماً من ذهاب نفوس(١) |
__________________
(١) نفس المصدر : ١٢٧ ـ ١٢٨.