في مفردة (الصادقين) من الناحية اللغوية والمراد منها عند الاستعمال ، ولكن حيث إنّ معرفة المفاهيم الواقعة مورداً للأمر والنهي لا تكون كافية في امتثال الأمر والنهي من دون معرفة مصاديقها ، لا مناص من أن تكون مصاديق هذه المفاهيم واضحة أيضاً ، وإنّ المراد من التفسير والتأويل في هذا المقام هو تحديد مصاديق هذه المفاهيم ، ولذلك فإنّ هذه الآيات تدخل من هذه الناحية في عداد المتشابهات ، ومن مجموع هذه الإيضاحات ندرك أنّ الآيات المحكمات غنيّة عن التفسير ـ سواء في مرحلة المدلول الاستعمالي للألفاظ ، أو في مرحلة تحديد مصاديقها) ـ وأمّا الآيات المتشابهة فهي الآيات التي تحتاج إلى تفسير وبيان في واحدة من هاتين المرحلتين.
٣ ـ إنّ المتبادر للذهن من تفسير النعماني أنّ الآيات المحكمات إنّما تختصّ بمورد الحلال والحرام والواجبات والمحرّمات(١) ، كما نرى ذلك أيضاً في كلمات بعض المفسّرين المتقدّمين أيضاً(٢) ، وقد نُقل هذا الكلام بعبارة أوضح عن آخرين من أمثال : مجاهد ، حيث قال في تفسير المحكم : «ما فيه من الحلال والحرام ، وما سوى ذلك فهو متشابه يصدّق بعضه بعضاً»(٣) ، علماً بأنّ تفسير النعماني يشير في موضع آخر إلى أنّ الآيات ذات الصلة بالصلاة والصوم وغيرهما من الفرائض تحتاج إلى بيان من النبيّ
__________________
وقد ترجم إلى العربية شعراً وذلك في قول الشاعر :
«ميثاق الأبرار إذا ينجلي |
|
للوِدِّ أوفاهم ولاءً علي». |
(١) بحار الأنوار ، ج ٩٣ ، ص ١٢.
(٢) تفسير الطبري ، ج ٣ ، ص ٢٠٢ (نقلاً عن ابن أبي طلحة عن ابن عباس).
(٣) المصدر أعلاه ، ج ٣ ، ص ٢٠٤.