من هنا تظهر الحاجة الماسّة إلى إعادة إخراج كتاب الطبقات وتحقيقه تحقيقاً علميّاً يليق بأهمّيته ومكانة مؤلّفه الذي أسدى خدمات عظيمة للتراث الإسلامي بما تركه من نتاج غزير ظلّ محوراً لعدد لايحصى من الدراسات التاريخية والتراثية ، إنّ إعادة إخراج الكتاب محقّقاً بأجزائه السبعة عشر سيتيح للباحثين وطلاّب العلم الوقوف على جانب من عظمة ما تركه علماء الإمامية عبر القرون من مخزون علمي غزير ومتنوّع ، ولعلّ أهمّ ما يبرّر هذه الدعوة ثلاثة أمور : الأخطاء الإملائية والأسلوبية ، فكثير من عبارات الطبقات تحوي لحناً أعجميّاً ، والاشتباهات التاريخية وأبرز شواهدها نسبة غير الشيعة إلى التشيّع ، وأخيراً الحاجة الماسّة للاستدراكات والتعليقات على مادّة الكتاب ، فكثيرٌ من المخطوطات التي أشار إليها الطهراني أصبحت اليوم مطبوعة ومتاحة للقراء ، والكثير من النسخ الخطّية التي نَبّه الطهراني إلى وجودها في المكتبات الخاصّة انتقلت إلى مراكز أبحاث متخصّصة ، أو ظهرت نسخ أكثر اعتباراً منها ، بل أنّ الكثير من النسخ الخطّية أصبحت مصوّراتها متوفّرة في أغلب مراكز المخطوطات والمكتبات المتخصّصة في إطار سياسة التبادل العلمي بين المكتبات الخطّية في العالم ، وهذا يعني أن تحوّلاً هائلاً قد حَدَثَ في عالم المخطوطات عمّا كان عليه الحال قبل خمسين عاماً أو أبعد ، الأمر الذي يستلزم إعادة النظر في قيمة ما كتبه الشيخ الطهراني فيما يتعلّق بمظانّ النسخ الخطّية وأماكن وجودها اليوم أخذاً بالاعتبار كلّ هذه التحوّلات الكبيرة التي جرت في عالم المخطوطات وأوجه العناية بالتراث المخطوط.