بين الصحابة ، ولم يتوقّفوا في العمل بموجبه ، ولم يتردّدوا حين اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة لتعيين الإمام تردّدهم ، حيث قال الأنصار : منّا أمير ومنكم أمير(١) ، ومال طائفة إلى أبي بكر ، وأخرى إلى العبّاس ، وأخرى إلى عليّ عليه السلام.
ولم يترك عليّ عليه السلام محاجّة الأصحاب ومخاصمتهم(٢) وادّعاء الأمر له والتمسّك بالنصّ عليه ، بل قام بأمره وطلب حقّه كما قام به حين أفضى النوبة إليه ، وقاتل حتّى أفنى الخلق الكثير ، مع أنّ الخَطْب إذ ذاك أشدّ ، وفي أوّل الأمر أسهل ، وعهدهم بالنبيّ صلّى الله عليه وآله أقرب ، وهممهم في تنفيذ أحكامه أرغب.
وكيف يزعم من له أدنى مسكة أنّ أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله ـ مع أنّهم بذلوا مهجهم وذخايرهم وقتلوا أقاربهم وعشايرهم في نصرة رسول الله صلّى الله عليه وآله وإقامة شريعته وانقياد أمره وإتباع طريقته ـ أنّهم خالفوه قبل أن يدفنوه(٣) مع وجود هذه النصوص القطعية الظاهرة الدالّة على
__________________
(١) قوله : (أمير) ليس في (م).
(٢) جاء في حاشية المخطوط للقاضي نور الله التستري ما نصّه : لو سلّم الترك فجاز أن يكون خوفاً من ثوران الفتنة حين عدم استقرار الدين وقرب العهد لسيّد المرسلين مع كثرة الأعداء والمعاندين. ١٢.
(٣) جاء في حاشية المخطوط للقاضي نور الله التستري ما نصّه : قال الشيخ السعيد المعظم أبو جعفر محمّد بن عليّ بن بابويه قدّس سرّه في بعض مجالسه ما حاصله :