الموافقة الإجمالية لمضامين هذين الكتابين مع سائر الأخبار ، وإنّ الغاية من هذا الكلام هو إثبات الاعتبار لهذين الكتابين في الجملة ، وإلاّ فإنّنا لو نظرنا إلى روايات هذين الكتابين رواية رواية سنجد أنّ الروايات التي انفرد بروايتها هذان الكتابان كثيرة جدّاً ، ففي بحث الناسخ والمنسوخ ـ على سبيل المثال ـ تمّ ذكر العديد من الآيات بوصفها ناسخة ، في حين لم ترد رواية في تأييد ذلك ، وإنّ التوسّع في البحث عن مدى التوافق بين مضامين هذين الكتابين مع سائر الأحاديث بحاجة إلى بحث أوسع وأعمق.
هذا وإنّ روايات رسالة سعد بن عبد الله وتفسير النعماني على الرغم من عدم حجّيّتهما ، ولكن إذا جاء مضمون هذه الروايات موافقاً لما جاء في سائر الأحاديث الأخرى ـ وإن لم تكن معتبرة ـ يمكن أن يكون هذا الأمر مؤثّراً في تأييدها ، ويشكّل مقدّمة لحصول الاطمئنان بمضمون الحديث.
ومن المفيد هنا التذكير بأنّ إرسال الحديث لا يلازم عدم صحّته ، بل إنّ هذه الملازمة لا تصدق حتّى في الأحاديث المعلومة الراوي وكان الراوي فيها ضعيفاً بل كذّاباً أو وضّاعاً ، وإنّ ذلك لا يشكّل دليلاً قطعيّاً على كون الحديث مجعولا ، فإنّ الكذّاب والوضّاع الذي يتعمّد وضع الأحاديث لا يصدر عنه الكذب والوضع فقط ، وإنّما الطبيعة في ذلك تقتضي من أمثال هؤلاء الأفراد أن تكون أكثر أحاديثهم صحيحة كي يتمكّنوا من تسريب أكاذيبهم القليلة في المجتمع ضمن الكثير من الأحاديث الصحيحة كي لا يفتضح أمرهم. ولذلك فإنّ أحاديث الضعاف في إطار حساب احتمالات صدق الحديث لها أهمّيّتها