ونذكر هنا رأي الشيعة الإمامية ( أهم فرق الشيعة ) ، كما ورد بكتاب أبي جعفر الأم :
« إن اعتقادنا في جملة القرآن الذي أوحى به الله تعالى إلى نبيه محمد هو كل ما تحتويه دفتا المصحف المتداول بين الناس لا أكثر ، وعدد السور المتعارف عليه بين المسلمين هو (١١٤) سورة ، أما عندنا فسورتا الضحى والشرح تكونان سورة واحدة ، وكذلك سورتا الفيل وقريش ، وأيضاً سورتا الأنفال والتوبة. أما من ينسب إلينا الاعتقاد في أن القرآن أكثر من هذا فهو كاذب » (١).
وهنا يتجلى أن الاتهامات التي لا تستند إلى أصل وثيق ، تذهب أدراج الرياح.
خامسا : الشبهات ، قد يتذرع القائلون بالتحريف بتوافر بعض الشبهات الدالة على ذلك ، وليس في هذه الشبهات ـ كما سترى ـ أدنى دليل على ما يدعون ، وسنشير إلى أهمها ، ونتعقب ذلك بالرد والدفع والمناقشة (٢).
أ ـ إن التحريف سنة قد جرت في حياة الأمم السابقة ، والقرون الغابرة ، فاشتمل حتى على التوراة والإنجيل وسائر الكتب الدينية ، فلم لا يشمل القرآن ما شمل غيره.
وللرد على هذه الشبهة نرصد ما يلي :
١ ـ ليس من سنة الكون التحريف ، ولا من طبيعة خرق النواميس الحقة ، فموجده أتقن كل شيء صنعا ، وأنزله بمقدار ، ولا يمثل سنة الكون من يتلاعب بمقدارته من شعوب وأمم وقبائل وأجيال.
٢ ـ إن التوراة والإنجيل لم يتعهد الله سبحانه وتعالى ـ كشأن الكتب السماوية الأخرى ـ بحفظهما ، ولا بصيانتهما ، وإنما أوكل ذلك البشر ، محنة منه وابتلاء على طاعته أو معصيته ، فاستحفظ على ذلك الأحبار والربانيين بدلالة قوله تعالى :
__________________
(١) المرجع نفسه : ٣٩ وما بعدها ، وانظر مصادره.
(٢) ظ : الخوئي ، البيان : ٢٢٠ وما بعدها في ذكر مجمل ومفصل هذه الشبه.