ويقرأه عليه ، فيعيه ويحفظه بقلبه ، فكأنه نزل به على قلبه » (١) .
وهذا صريح بكيفية تلقي النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم للقرآن من جبرائيل عليهالسلام ، على قلبه تثبيتاً وحفظاً ورعاية ، والقلب أشرف الأعضاء للتدبر والتفكر إن أريد به هذا الجهاز العضلي ، وإلا فهو الإدراكات النفسية الخاصة لدى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم المستعدة للتلقي والصيانة والاستيعاب دون ريب .
وكان ما نزل به جبرائيل عليهالسلام بإيحاء من الله تعالى هو النص الصريح من الوحي القرآني دون زيادة أو نقصان ، بألفاظه المدونة في المصحف من ألفه إلى يائه .
ولما كان الأمر كذلك ، فقد تحدث هذا النص المحفوظ بين الدفتين عن ظاهرة الوحي بوحي القرآن وسواه ، وطرقها ، وكيفيتها ، وأقسامها . ومن الضروري حقاً استعراض مختلف أنشطة الموضوع من القرآن نفسه ، مع الاستعانة باللغة حيناً ، وبالتبادر العربي العام حيناً آخر ، لأن القرآن عربي ، والتبادر علامة الحقيقة .
صرَّحت الآية التالية :
( وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (٥١) ) (٢) .
بطرق الوحي الإلهي ، وحددت كيفية هذا الوحي ، ومراتب إيصاله على النحو التالي :
١ ـ الوحي ، وأصل الوحي هو : الإشارة السريعة على سبيل الرمز والتعريض ، وما جرى مجرى الإيماء والتنبيه على الشيء من غير أن يفصح به (٣) .
وقد يكون أصل الوحي في اللغة كلها الإعلام في خفاء (٤) .
__________________
(١) الطبرسي ، مجمع البيان : ٤ / ٢٠٤ .
(٢) الشورى : ٥١ .
(٣) قارن في ذلك بين : الراغب ، المفردات : ٥١٥ + الطبرسي ، مجمع البيان : ٥ / ٣٧ .
(٤) ظ : ابن منظور ، لسان العرب : ٢٠ / ٢٥٨ .