إلا أنه يختلف عن ترتيبه فيما ورد بأصل النسخة المطبوعة في ليبسك ( ١٨٧١ ـ ١٨٧٢م ) ولما أثبته الزنجاني في تقسيمه لجمع الإمام علي عليهالسلام للمصحف في سبعة أجزاء (١).
وإذا صحت هذه الرواية ، فقد فاتنا تأريخ دقيق عن النزول يستند إلى أعظم رواية قد شاهد عصر التنزيل وصاحب مسيرته ، وبذلك يكون الإمام علي عليهالسلام أول من حقق في تثبيت نزول القرآن تأريخياً.
وليس أمامنا طريق إلى تعيين تأريخ النزول إلا من جهتين :
الأولى : الرواية الصحيحة الثابتة المرفوعة إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أو أهل البيت عليهمالسلام أو الصحابة (رض) الذين شاهدوا قرائن الأحوال ، وتتبعوا مسيرة الوحي من بدايته إلى نهايته ، وقد كان جزء من ذلك متوافرا فيما نلمسه من روايات وآثار في كتب التفسير وعلوم القرآن ، من نصوص يوردها الإثبات ويتناقلها الثقات ، وإن كان بعضها لا يخلو من تضارب ، أما رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقد ادعي أنه : « لم يؤمر به ، ولم يجعل الله علم ذلك من فرائض الأمة » (٢).
الثانية : الاستنباط الاجتهادي القائم على أساس أعمال الفكر ، ودراسة الأحداث ، ومعرفة أسباب النزول ، والمقارنة بين الآيات نفسها ، واعتبار القرائن الحالية والمقالية ، والسياق والنظم ، ووحدة السورة الموضوعية ، وما ماثل ذلك أدلة تقريبية على ذلك ، لا سيما فيما لا نص عليه ، فتتعين معرفته عن طريق الأدلة والبراهين والمرجحات فيؤخذ بأقواها حجة ، وأبرمها دليلاً ، وهذا ما نشاهده في شأن الآيات والسور المختلف بنزولها الزماني أو المكاني.
وقد استأنس العلماء والمحققون بعلائم وإمارات وخصائص ، تتميز بها كل من السور المكية والمدنية ، ففرقوا بينها على أساس هذا الفهم ، والنظر في ذلك كضوابط قابلة للانطباق في أكثر تجاربها ، إلا أنها ليست حتمية ، ولكنها إمارات غالبة ، لتوافر استثناءات في بعضها.
فمن ضوابط معرفة السور المكية أوردوا ما يلي :
__________________
(١) ظ : الزنجاني ، تأريخ القرآن : ٦٩ ما بعدها.
(٢) الزركشي ، البرهان : ١ / ١٩١.