بل والتعدّد في الموصلات المعرفية التي تعمل على محايثة هذا المصطلح إلى الأهمّية التي يشكّلها بوصفه يمثّل الآيدلوجية الوظيفية والإنجازية للغة ، ويكون العصب الحسّي الناقل للإيعاز الإدراكي من القائل عبر المقول (المضمون الجملي) إلى المتلقّي(١).
إنّ الذي نصبوا إليه في هذه المقاربة لمصطلح التوجيه ، هو التوجّه الذي تبنّاه اللسانيّون المحدّثون في فهم هذا المصطلح والعناية القصوى بتحليل ما يقوم به المتكلّم حينما يتكلّم ، وقد أدّت دراسة القوّة الإنجازية لأفعال الكلام إلى دراسة المواجهات «علاقة الموجّهات بأفعال اللغة»(٢) ، فقد عرفه مارتن بقوله : «التوجيه حكم على حكم أي إنّه حكم من الدرجة الثانية ... وهو ما من شأنه أن يجعل مجال التوجيه مجالاً شاسعاً ، فقولنا : (هو يعدو سريعاً) هو قول موجّه ، ذلك أنّ قولنا (يعدو) حكم هو نفسه محكوم عليه بحكم آخر من قولنا : (سريعاً) ، هذا يعني أنّ كلّ قول عادي هو قول موجّه»(٣).
يدخل فعل التوجيه ضمن واحد من أنواع الأفعال اللغوية التي صاغها سورل وقد سمّاها بالأفعال التوجيهية وتتّحد بأنّها «كلّ المحاولات الخطابية التي يقوم بها المرسل بدرجات مختلفة للتأثير في المرسل إليه ليقوم بعمل
__________________
(١) ينظر : رسائل الإمام علي عليهالسلام في نهج البلاغة ـ دراسة حجاجية ـ : ١٢٨.
(٢) ينظر : الملفوظية : ٤٥.
(٣) نقلا عن الحجاج في القران الكريم : ٣١٥.