اليقين واستقرار ثبوتيّتها في ذهن المتلقّي ، وكأنّ المتكلّم يدفع بالمخاطب إلى الوثوق بكلامه حين يقدّم له معلومة يجهلها فيعمل (المتكلّم) على تأكيدها بأعلى درجات الإثبات(١) ، حيث يمثّل المثال : (والله إنّي لأعلم بشراركم من البيطار بالدواب) الحجّة التي قدّمها الإمام الصادق عليهالسلام إلى محمّد بن النعمان الأحول ، فالإمام عليهالسلام يؤكّد بأنّه يمتلك المعرفة (الغيبية) مالا يقدر أن يدرك كنهها غيره من الذي يمتلك الأرضية الخصبة للمعرفة (الواقعية) ، فهو يفوق بالقياس عن الطبيب البيطري العالم المتصرّف بفنون الطبّ الخاصّ بالدواب ، فالملفوظ هنا كناية عن المعرفة الواسعة ، وقد أتى الإمام عليهالسلام بالقسم لإثبات هذه الدعوى ، ثمّ عزّز القسم بالعامل الحجاجي (إنّ + اللام) المؤكّدتان لمضمون الخبر في الجملة ، وزيادة توثيقه.
وهكذا الحال في المثال الآخر ، وفيها يلجأ إلى مجموعة من المؤكّدات ، وهنا يقع القسم كونه يحمل قوّة إنجازية ليس فقط بدلالته البنيوية الخاصّة وقوّته الداخلية ، ـ أي إحالته المرجعية المقدّسة ـ بل تنفتح دلالته على جهة صدوره ، ومتانة العلاقة بين القسم والمقسوم عليه ـ الدعوى ـ ، أي يصبح القسم مرآة عاكسة لطبيعة المخاطب الذي يمتلك المقدرة بكلّ حيثيّاتها.
٢ ـ الطبقة المقامية الثانية :
هي الطبقة المقامية التي يتوافر فيها المخاطب على المعلومة التي يعدّها
__________________
(١) ينظر : رسائل الإمام علي عليهالسلام في نهج البلاغة ـ دراسة حجاجية ـ : ١٣٥.