خطاب مباشر والمنادى حاضر في المجلس ، ولعلّ التخصيص بالنداء وتعيين المنادى إنّما ورد في النصّ ، لأنّ الإمام يكشف ليزيد عن حقائق من عالم الغيب التي لا يعلمها إلاّ هم عليهمالسلام ، ولا يدركها الجاهلون ، ويستدلّ على ذلك بكلام الله الذي لا يأتيه الباطل أبداً ، ليعلم من كان حاضرَ المجلسِ ومن غاب عنه فسمع الخبر ، أنّ عداوة آل أميّة لآل بيت النبوّة مستحكمةٌ في جذرها ، ممتدّة في أصولها وفروعها فهم الشجرة الملعونة في القرآن ، التي غرسها الشيطان في أصلابهم فأنبتت معاوية ويزيد وأمثالهم من أئمّة الكفر والفسق والجور.
وفي دعائه عليهالسلام ، استعمل نداءً بلفظ مخصوص وبمعنىً معيّن ، لا ينادى به إلاّ اسم الجلالة ، إذ يقول : «اللّهُمَّ إنّي أَتَقَرَّبُ إلَيْكَ بِجُودِكَ وكَرَمِكَ ، وأتَقرَّبُ إلَيْكَ بِمُحَمَّد عَبْدِكَ ورَسُولِكَ ...»(١) ، فـ (اللّهُمَّ) ، عند نحويي البصرة ، من حيث البنية يقابل (يا اللهُ) ، وقد عُوِّض عن (يا) النداء في أوّل الاسم ، بـ : (ميم مشدّدة) ، في (اللهمّ) ، وأنّ ضمّة (الهاء) في (اللهُمّ) بمنزلة ضمّة (الهاء) في (يا اللهُ)(٢). أمّا من حيث المعنى فاستعمال اللّهمّ له مورد خاصّ يناسب ما في معناه من تفخيم وتعظيم ، لذا يقتصر النداء به ويختصُّ في موارد الجلال والعظمة ومصداق ذلك استعماله في القرآن الكريم مع
__________________
(١) مفاتيح الجنان : ٣٣.
(٢) ينظر : الكتاب ١ / ٣١٠ ، والمقتضب : ٤ / ٢٣٩ ، والإنصاف في مسائل الخلاف (المسألة ٤٧) ١ / ٣٤٣ ـ ٣٤٧ ، والإيضاح في شرح المفصل ١ / ٢٨٩ ـ ٢٩٠.