لجمع آخر من الطالبين ، وفي شهر رمضان يدرّس بالليل ، وكان مشغولاً مع الطالبين إلى نصف الليل بالمباحثة ، وبعد بالزيارة والعبادة ، فلذا كان قليل التصنيف.
ومصنّفاته على ندارتها لم تخرج من السواد إلى البياض ، قلت له رحمهالله في زمان : اشتغل بالتصنيف والتأليف وثبّت هذه التحقيقات التي لم تصل إليها أيدي العلماء الماهرين والفضلاء المتبحّرين والفقهاء الكاملين ، فأجابني بأنّ تكليفي تربية الطالبين وتعليم المتعلّمين ، وما ألّفتموه وصنّفتموه فهو منّي.
وكان هذا الشيخ أعجوبة في الحفظ والضبط ودقّة النظر وسرعة الانتقال في المناظرات وطلاقة اللسان ، لم أر مثله قطّ ، ولم يباحث مع أحد إلاّ وقد غلب عليه وكان له يد طولى في علم الجدل.
توفّي رحمهالله في كربلاء المشرّفة في الطاعون الواقع فيه في سنة خمسة أو ستّة(١) وأربعين ومائتين بعد الألف ، ودفن في داره ، وفزت بزيارة قبره الشريف في السرداب المدفون فيه ولم أسأل منه إجازة الروايات واتّصال سلسلة الأخبار بالصراحة ، وكان إجازتي مقصورة على الإذن في العمل والفتوى وشهادة البلوغ إلى مرتبة الإجتهاد ، وكان هذا غفلةً منّي ، اللهمّ اعف عن زلاّتي وغفلاتي»(٢).
__________________
(١) هكذا ثبت والصحيح : خمس أوستّ.
(٢) الروضة البهيّة في الإجازة الشفيعيّة ، ص٣٢ و ٣٣.