الثاني من مصادر الدين ، ولذلك حثّ النبيّ المصطفى ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ على تعلّمه وحمله إلى الناس. فالعلم فخر بين أهله ، والملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يطلب ، فمن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهّل الله له طريقاً إلى الجنّة. فزكاة العلم نشره ، وهذا لا يتمّ إلاّ عن طريق المحدّثين والرواة.
روي عن الإمام أبي عبد الله الصادق عليهالسلام أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله) خطب يوم منى قائلا : «نضّر الله عبداً سمع مقالتي فوعاها ، وبلّغها من لم يسمعها»(١).
وعن الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام قال : قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) : «اللهمّ ارحم خلفائي ، اللهمّ ارحم خلفائي ، اللهمّ ارحم خلفائي ؛ قيل يا رسول الله ومَن خلفاؤك؟ قال : الذين يأتون من بعدي يروون حديثي»(٢).
ومن هنا كان اهتمام المسلمين الأوائل بتراجم رجال الحديث طبقة بعد طبقة ، فألّفوا المجاميع الموسوعية في تراجمهم ، وبيان أحوالهم ، فأسّسوا علم الدراية لمعرفة أصول الحديث الشريف ، وأصدر الشيوخ إجازات لتلاميذهم جيلا بعد جيل ، وأفردوا مجلّدات لجمعها وتحقيقها ، فأوْلى المحدّثون الإجازة اهتماماً كبيراً لأنّها الطريق الموصل إلى حمل الحديث من الطرق المتداولة ، فهي تأتي عندهم ـ أي علماء الحديث ـ في المرتبة الثالثة من طرق التحمّل الثمان بعد السماع والقراءة حيث يتحقّق فيها الإبقاء على
__________________
(١) البحار ٢ / ١٤٨.
(٢) البحار ٢ / ١٤٥.