القاضي الجهضي الأزدي (ت ٢٨٢ هـ) أجاز فيها أحد تلاميذه المدعوّ أحمد ابن إسحاق التنوخي ، وهي من أقدم الإجازات كما يعبّر عنها الخطيب البغدادي الشافعي في موسوعته تاريخ بغداد.
وقد وضع علماء الدراية والحديث أحكاماً وشروطاً للإجازات بمختلف أنواعها يجب توفّرها في المجيز والمجاز والمادّة المجازة. فهي لم تقتصر على رواية الحديث فحسب بل تعدّتها إلى علوم أخرى تشمل العلوم الإنسانية والطبيعية والصرفة في بعض الأحيان. والمؤرّخ القلقشندي فصّل في كتابه صبح الأعشى الجزء الرابع عشر كلّ التفاصيل المتعلّقة بهذا الشأن ، ويكاد يكون هذا الجزء بكامله كان لهذا المبحث ، فضلا عن علماء آخرين كالشيخ يوسف البحراني في لؤلؤة البحرين ـ أنظر المقدّمة ـ نهجوا المنهج نفسه في بحث الإجازة ، تاريخها ، أقسامها ، مبناها ... الخ.
وبهذه المناسبة أودّ أن أشير إلى ما صدر عنّي من إجازات فكانت طفرة نوعية في هذا المجال حيث لم يسبق لأحد العلماء من أجاز تلاميذه أو مريديه بإجازة شيء من آداب العرب وروايات تاريخ الإسلام ، فلو نظر المتأمّل إلى عدد من إجازاتي لطالبيها ممّن طرق أبواب التاريخ ومسار الأدب ليجد محتوى ومضمون الإجازة في ما أجازني أساتذتي في الجامعات العراقية في التأكيد على ضرورة إخضاع الخبر التاريخي أو الأدبي إلى ضوابط الجرح والتعديل لما لهما من صلة في كثير من الأحيان بالأحكام الشرعية ، وهذا المنهج والأسلوب في الأجازة لم يكن معروفاً بين أوساط المحدّثين ومانحي