شاذان(١) ، وما ذلك إلاّ بسبب إيمان الكليني بفقاهة هؤلاء المحدّثين ، وتضلّعهم في فهم كلام أهل البيت عليهمالسلام ، ويعدّ المحدّث أحمد بن محمّد السيّاري من أولئك القلّة الذين استشهد الكليني بأقوالهم في بيان معاني بعض الروايات والنصوص الشريفة ، مثال ذلك ما رواه في بعض أبواب كتاب الصوم عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن السيّاري قال : كتب محمّد بن الفرج إلى العسكري عليهالسلام يسأله عمّا روي من الحساب في الصوم عن آبائك في عدّة خمسة أيّام بين أوّل السنة الماضية والسنة الثانية التي تأتي ، فكتب : «صَحِيحٌ ولَكِنْ عُدَّ فِي كُلِّ أَرْبَعِ سِنِينَ خَمْساً ، وفِي السَّنَةِ الْخَامِسَةِ سِتّاً فِيمَا بَيْنَ الأُولَى والْحَادِثِ ، ومَا سِوَى ذَلِكَ فَإِنَّمَا هُوَ خَمْسَةٌ خَمْسَةٌ» ؛ قال السيّاري : «وهذه من جهة الكبيسة ، وقد حسبه أصحابنا فوجدوه صحيحاً»(٢) ، وكذلك ما رواه الكافي والطوسي الحسين بن محمّد ، عن السيّاري ، عن أحمد بن الفضل ، عن يونس ، عن الرضا عليهالسلام في السمك الجلاّل أنّه سأله عنه فقال : «ينتظر به يوماً وليلة» ، وقال السيّاري : «إنّ هذا لا يكون إلاّ بالبصرة»(٣) ، وقد عبّر عنه الشيخ الكليني في بعض أسانيده بأنّه من (أصحابنا) ، وقال في باب الفيء والأنفال : علي بن محمّد بن عبد الله ، عن بعض
__________________
(١) أنظر مثلاً : الكافي ٦ / ٩٣ ، ٧ / ٨٨ ، ٧ / ٩٠ ، ٧ / ٩٨.
(٢) الكافي ٤ / ٨١ ، وسائل الشيعة ١٠ / ٢٨٣ ، وبغضّ النظر عن الجدل حول السنة الكبيسة في التقويم الهجري وأنّها تقع مرّة كلّ ثلاث سنوات تقريباً ، فإنّ موضع الشاهد هو اعتماد الكليني على أقوال السيّاري في بيان معاني الروايات دون التعليق عليها بالنقض أو الاعتراض.
(٣) الكافي ٦ / ٢٥٢ ، تهذيب الأحكام ٩ / ١٣ ، وسائل الشيعة ٢٤ / ١٦٧.