ويختار سيّدنا الشريف : أنّ (الواو) للعطف على اسم الله تعالى ، فكأنّه قال : (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ ـ [وإلاّ] ـ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) ويردّ الشريف على أبي علي الجبائي الذي يراها للاستئناف غير معطوف على ما تقدّم ، ويستعين المرتضى على تعزيز ذلك بالقواعد اللغوية والشواهد الشعرية.
يقول الشريف : [إن سأل سائل عن هذه الآية].
«الجواب : قلنا : ذُكر في هذه الآية وجهان مطابقان للحقّ : الأوّل : أن يكون (الراسخون) معطوفاً على الله تعالى ، فكأنّه قال : (وما يعلم تأويله إلاّ الله وإلاّ الراسخون في العلم) ، وإنّهم مع علمهم به (يَقُولُونَ ءَامَنَّا بِهِ) ، والمعنى أنّهم يعلمونه قائلين : (ءَامَنَّا بِهِ كلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا) وهذا غاية المدحة لهم ؛ لأنّهم إذا علموا ذلك بقلوبهم ، وأظهروا التصديق به على ألسنتهم فقد تكاملت مدحتهم ، ويشهد بذلك قول يزيد (١) :
الرّيح تبكي شجوه |
|
والبرق يلمع في الغمامة (٢) |
فعطف البرق على الريح ، ثمّ أتبعه بقوله : (يلمع في الغمامة) ؛ فكأنّه قال : (والبرق أيضاً يبكيه لامعاً في غمامه) ؛ أي : في حال لمعانه ، ولو لم يكن البرق معطوفاً على الريح في البكاء لم يكن للبكاء معنىً ولا فائدة.
الوجه الثاني في الآية : أن يكون قوله : (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) مستأنفاً
__________________
(١) هو يزيد بن زياد بن ربيعة الحميري المعروف بيزيد بن مفرغ (ت ٦٩هـ) من أصل يمني من قبيلة يحصب.
(٢) البيت ذكره ابن فارس ، وفيه (غمامة) بدون (ال). الصاحبي في فقه اللغة : ١٨١.