غير معطوف ، ثمّ أخبر عنهم أنّهم (يَقُولُونَ ءَامَنَّا بِهِ) ويكون المراد بالتأويل على هذا الجواب المتأوّل ؛ لأنّه قد يسمّى تأويلاً ، قال تعالى : (هَلْ يَنظُرُونَ إِلاّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ) (١) ، والمراد المتأوَّل ، والمتأوَّل الذي لا يعلمه العلماء ؛ وإن كان تعالى عالماً به ، كنحو : وقت الساعة ، ومقادير الثواب والعقاب ، وصفة الحساب ، وتعيين الصغائر ؛ إلى غير ذلك ؛ فكأنّه قال : (وما يعلم تأويل جميعه ـ على المعنى الذي ذكرناه ـ إلاّ الله ؛ والعلماء يقولون آمنّا به)» (٢).
وقد قوّى أبو علي الجبائي (ت ٣٢١هـ) هذا الوجه وضعّف الأوّل بأن قال : «قول الراسخين في العلم : (ءَامَنَّا بِهِ كلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا) دلالة على استسلامهم ؛ لأنّهم لا يعرفون تأويل المتشابه كما يعرفون تأويل المحكم ؛ ولأنّ ما ذكرناه من وقت القيامة ، ومن التمييز بين الصغائر والكبائر هو من تأويل القرآن إذا كان في خبر الله ، والراسخون في العلم لا يعلمون ذلك» ، انتهى قول الجبائي.
يقول السيّد المرتضى : «وليس الذي ذكره بشيء ؛ لأنّه لا يمتنع أن يقول العلماء مع علمهم بالمتشابه (آمنّا به) فكيف يُظنّ أنّهم لا يقولون ذلك إلاّ مع فقد العلم به؟!» (٣).
قال السيّد الشريف : «لو قيل : إنّ الجواب الأوّل أقوى من الثاني لكان أولى.
أقول : لأنّ القرآن إنّما أنزل ليعلم معانيه ويعمل بما فيه ، فإذا لم تُعلم معانيه لم يُعمل بما فيه ، فيكون مهملاً ؛ تعالى عن ذلك ، وأمّا أهل العلم الراسخون إذا
__________________
(١) الأعراف : ٥٣.
(٢) تفسير القرآن الكريم للشريف المرتضى ٤ / ٨٩.
(٣) نفس المصدر : ٩٠.