فهموا معانيه وعلّموها الناس كان قد عمل بما أنزل له فتعظم فوائده ويحصل الثواب بذلك.
ويمكن في الآية وجه ثالث لم يذكروه ، وهو أن يكون قوله : (وَالرَّاسِخُونَ فِي العِلْمِ) مستأنفاً غير معطوف ويكون المعنى : (وما يعلم تأويل المتشابه ـ بعينه وعلى سبيل التفصيل ـ إلاّ الله) ؛ وهذا صحيح.
لأنّ أكثر المتشابه قد يحتمل الوجوه الكثيرة المطابقة للحقّ ، الموافقة لأدلّة العقول ؛ فيذكر المتأوّل جميعها ، ولا يقطع على مراد الله منها بعينه ، لأنّ الذي يلزم في ذلك أن يعلم في الجملة أنّه لم يرد من المعنى ما يخالف الأدلّة ؛ وأنّه قد أراد بعض الوجوه المذكورة المتساوية في الجواز ، الموافقة للحقّ. وليس من تكليفنا أن نعلم المراد بعينه ؛ وهذا مثل الضلال والهدى اللذين يتبيّن احتمالهما لوجوه كثيرة ، منها : ما يخالف الحقّ فيقطع أنّه لم يَرِدْه ، ومنها : وجوه تطابق الحقّ فيعلم في الجملة أنّه قد أراد أحدها ، ولا يعلم المراد منها بعينه ، ويكون قوله : (وَالرَّاسِخُونَ) الآية ، أي (صدّقنا بما نعلمه ـ مفصّلاً ومجملاً ـ من المحكم والمتشابه ؛ وأنّ الكلّ من عند ربّنا)» (١).
العَجَل :
ومن الأمثله اللغوية التي عالجها هي شرح كلمة (العَجَل) في قوله تعالى :
__________________
(١) انظر : الأمالي ١ / ٤١٨.