التعريف ، ولم يبقَ ثَمّة فرق بين ورود هذا التعبير المعرفة نكرةً ووروده معرّف اللّفظ والمعنى ، إلاّ أنّ وروده معرّف اللّفظ والمعنى ؛ يحدّد شخص الإمام العدل ، أمّا فائدة وروده نكرةً ؛ فتعريف العنوان وشمول جميع أفراده المعيّنين المعروفين.
الثالثة : أنّ معنى العدل كوصف للإمام ، لا يتّضح حتّى يتّضح معنى ضدّه الظلم المنفي عن المتلبّس به أن يجعل إماماً ؛ وهو ما ورد تصريحاً في جواب اللّه تعالى نبيّه إبراهيم ، إذ قال له : (لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظّالِمِيْنَ) (١) ، وورد في التفسير أنّ الظلم في هذه الآية «يعمّ من ظلم نفسه بمخالفته للحقّ» (٢) ، وبذلك يشمل هذا الظلم : «مطلق من صدر عنه ظلم ما ، من شرك أو معصية ، وإن كان منه في برهة من عمره ، ثمّ تاب وصلح» (٣).
وعليه ؛ يتجاوز مفهوم العدل هنا عدم ظلم الرعية ، إلى معنىً أسبق تحقّقاً في النفس التي تنعم بعدالة صاحبها بتجنيبه إيّاها الشرك والمعصية ؛ وهو ما يعطي الغزوة وغيرها من العبادات معه بعداً روحيّاً يزيد من أجرها ؛ لما يمنحه عدم اقتراف الظلم من يقين يوقفه على ملكوت الأشياء (٤).
وإذا كان هذا الوصف قد أخرج موصوفه من عموم التنكير وبلغ به مرتبة التعريف ، فكذلك الموصوف ؛ له من قريب فضل اختصاص على صفته المصدر ؛
__________________
(١) البقرة : ١٢٤.
(٢) آلاء الرحمن في تفسير القرآن ١ / ١٢٤.
(٣) الميزان ١ / ١٧٤.
(٤) ينظر : المصدر نفسه ١ / ٢٧٣.