أيّ من المذهبين.
ونجده في بعض المواضع يكتفي بعرض الوجوه المختلفة ، قال في قوله تعالى : (وَاسْتَغْفِرُواْ رَبَّكمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ) (١) : إن سأل سائل فقال : «والشيء لا يعطف على نفسه لا سيّما بالحرف الذي يقتضي التراخي والمهلة وهو (ثمّ) وإذا كان الاستغفار هو التوبة ، فما وجه هذا الكلام؟
الجواب : قلنا في هذه الآية وجوه (ستّة) :
أوّلها : أن يكون المعنى : اجعلوا المغفرة غرضكم وقصدكم الذي إليه تجأرون ونحوه تتوجّهون ثمّ توصّلوا إليها بالتوبة إليه ، فالمغفرة أوّل في الطلب وآخر في السبب.
وثانيها : أن يريد بقوله : (وَاسْتَغْفِرُواْ رَبَّكمْ) أي : اسألوه التوفيق للمغفرة والمعونة عليها ثمّ توبوا إليه.
وثالثها : أنّه أراد بـ : (ثمّ) الواو ، والمعنى : (استغفروا ربّكم وتوبوا إليه). وهذان الحرفان قد يتداخلان فيقوم أحدهما مقام الآخر.
ورابعها : أن يريد (استغفروه قولاً ونطقاً ، ثمّ توبوا إليه) ؛ لتكونوا بالتوبة فاعلين لما يُسقط العقاب عنده» (٢).
ففي الأوّل : حمل المغفرة على المعنى الظاهر ، وفي الوجه الثاني : ضمّن الفعل (استغفروا) معنى (اسألوه التوفيق) وفي الوجه الثالث : جاءت (ثمّ) بمعنى (الواو) والتأويل على حذف القول.
__________________
(١) هود : ٩٠.
(٢) تنزية الأنبياء : ٩٦. وانظر : تفسير الشريف المرتضى ٢ / ٤٤٦.