يقتضيها بعض الكلام ... قال جرير (١) :
إنّ العيون التي في طرفها مرض |
|
قتلننا ثمّ لم يحيينَ قتلانا» (٢) |
وإنّما المعنى : أنهنّ كدن يقتلننا ، وهذا أكثر في الشعر والكلام من أن نذكره.
وإذا كان الأمر على ما ذكرناه لم يمتنع أن يقال : (قام فلان) بمعنى : كاد يقوم ، إذا دلّت الحال على ذلك ؛ كما يقال : (مات) بمعنى : كاد يموت (٣).
النيابة في الحروف :
يرى السيّد المرتضى أنّ حروف المعاني يقوم بعضها مقام بعض ، إذ يقول : «والدليل على أنّ (على) تقوم مقام (اللام) ماحكاه يعقوب بن السكّيت عن أبي زيد عن العرب أنّهم يقولون : (صفْ على كذا وكذا حتّى أعرفه) بمعنى : صفْ لي ، ويقولون : (ما أغيظك عليَّ) يريدون : (ما أغيظك لي) ، والعرب تقيم بعض حروف الصفات (٤) ، مقام بعض ، فيقولون : (سقط الرجل لوجهه) يريدون (على وجهه)» (٥) ولكن هذا لا يعني أنّ الشريف يتّبع مذهباً معيّناً في جواز النيابة أو عدمها ، بل إنّه يختار ما يوافق السياق والمعنى في النصّ القرآني دون أن ينحاز إلى
__________________
(١) ديوان جرير : ٤٩٢ والرواية فيه :
إنّ العيون التي في طرفها حور |
|
قتلننا ثمّ لم يحيين قتلانا |
(٢) أمالي المرتضى ١ / ٣٣٥.
(٣) تفسير الشريف المرتضى ٣ / ٢١٦.
(٤) مصطلح حروف الصفات مصطلح كوفيّ ، أخذه الكوفيّون عن الخليل ، ويقابله عند البصريّين مصطلح حروف الجرّ. ينظر : العين ، مادة (عند) ٢ / ٤٣ ، مادة (إلى) ٨ / ٣٥٦ ، مادة (في) ٨ / ٤٠٩ ، مادة (على) ٢ / ٢٤٦ ؛ مادة (حل) ٣ / ٢٦ ؛ ومعاني القرآن، للفرّاء ٢ / ٣٨٥ ؛ همع الهوامع ٤ / ١٥٣.
(٥) أمالي المرتضى ٢ / ٨٣ ؛ وانظر: تفسير الشريف المرتضى ٢ / ٤٤٦ ـ ٤٤٧.