من عندِ واحد» (١) ، لكنّ الإمامية أجمعوا على جواز القراءة بما يتداوله القرّاء وأنّ الإنسان مخيّر بأيّ قراءة شاء قرأ (٢).
وقد اهتمّ الشريف المرتضى بالقرءات القرآنية في تفسيره للآيات الكريمة واحتجّ بها في بيانه لدلالة النصّ القرآني ، ويرجّح قراءة على أخرى ، ويشير إلى اختلاف القراءات وعلاقتها بالنحو أو اللغة وقد عرض الشريف لما فيه قراءتان أو أكثر من الآيات الكريمة وبيّن ما يرتضيه منها ، وما لا يرتضيه من الشواذّ ويؤيّد كلامه بما يستشهد به من كلام العرب وأشعارهم (٣).
من ذلك قوله تعالى : (قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكم بِشَرّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللَّهِ مَن لَّعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَئِك شَرٌّ مَّكاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ) (٤).
بقوله : «فإن قيل : فهَبُوا هذا التأويل ساغ في قراءة مَن قرأ بالفتح ، أين أنتم عن قراءة من قرأ (وعَبُدَ) بفتح العين وضمّ الباء ، وكسر التاء من (الطاغوتِ) ومن قرأ (عُبُدَ الطاغوت) بضمّ العين والباء ومن قرأ (وعُبَّدَ الطاغوت) بضمّ العين والتشديد ، ومن قرأ (وعُبَّادَ الطاغوت).
قلنا : المختار من هذه القراءة عند أهل العربية كلَّهم القراءة بالفتح ، وعليها جميع القرّاء السبعة إلاّ حمزة ، فإنّه قرأ ، (عَبُدَ) بفتح العين وضمّ الباء ، وباقي
__________________
(١) أصول الكافي ، كتاب فضل القرآن باب النوادر ، ح١٢ ؛ البيان في تفسير القرآن : ١٩٣.
(٢) التبيان في تفسير القرآن ١ / ٧.
(٣) الأمالي ٢ / ١٨٢ ـ ١٨٣.
(٤) المائدة : ٦٠.