تكاملت مدحتهم ، ووصفهم بأداء الواجب عليهم (١).
ويمكن على هذا الوجه أن تكون جملة (يَقُوْلُوْنَ آمَنّا) مستأنفة استغنى فيها عن حرف العطف ، كما استغنى عنه في قوله تعالى : (سَيَقُولُونَ ثَلاَثَةٌ رَّابِعُهُمْ كلْبُهُمْ) (٢) ونحو ذلك ممّا للجملة الثانية فيه التباس بالجملة الأوّلى ، فيستغني بها عن حرف العطف ، ولو عطف بحرف العطف كان حسناً (٣).
ومنها أن يكون (الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) مستأنفة غير معطوفة على ما تقدّم ثمّ أخبر عنهم بأنّهم (يَقُوْلُوْنَ آمَنّا بِهِ).
وقد اختار أبو علي الجبائي هذا الوجه الأخير وقوّاه ، وضعّف الأوّل بقوله : (قول الراسخين في العلم : آمنّا به كلّ من عند ربّنا) دلالة على استسلامهم ؛ لأنّهم لا يعرفون تأويل المتشابه كما يعرفون تأويل المحكم (٤).
ثمّ إنّ السيّد المرتضى قدسسره أجاب الجبائي بقوله : وليس الذي ذكره بشيء ؛ لأنّه لا يمتنع أن يقول العلماء مع علمهم بالمتشابه : (آمَنّا بِهِ) على الوجه الذي ذكرناه ، فكيف يظنّ أنّهم لا يقولون ذلك إلاّ مع فقد العلم به ، وما المنكر من أن يُظهِر الإنسان بلسانه الإيمان بما يعلمه ويتحقّقه (٥).
٢ ـ وفي إعراب قوله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكمُ الصِّيَامُ كمَا كتِبَ عَلَى الَّذِينَ
__________________
(١) أمالي المرتضى ١ / ٤٣٩.
(٢) الكهف : ٢٢.
(٣) الأمالي ١ / ٤٤٠.
(٤) نفس المصدر ١ / ٤٤١.
(٥) نفس المصدر ؛ وانظر : تفسير الشريف المرتضى ٢ / ٥.