مِن قَبْلِكمْ لَعَلَّكمْ تَتَّقُونَ * أَيَّاماً مَّعْدُودَات فَمَن كانَ مِنكم مَّرِيضاً ..) (١).
ذكر السيّد المرتضى أراء النحويّين في سبب انتصاب قوله تعالى : (أَيَّاماً مَّعْدُودَات) فقال : «فقد قيل : إنّه على الظرف ، كأنّه قيل : (الصيام في أيّام معدودات).
والوجه الثاني : أن يعدّي الصيام كأنّه قال : (كتب عليكم أن تصوموا أيّاماً معدودات).
الوجه الثالث : أن يكون تفسيراً عن (كم) ويكون مردوداً عن لفظة (كما) كأنّه قال : (كتب عليكم الصيام كتابة كما كتب على الذين من قبلكم) ، وفسّر ، فقال : (وهذا المكتوب على غيركم أيّاماً معدودات) ، ويجوز أن يكون تفسيراً وتمييزاً للصوم فإنّ لفظة (الصوم) مجملة ، يجوز أن تتناول الأيّام والليالي والشهور ، فميّز بقوله تعالى : (أَيَّاماً مَّعْدُودَات) وبيّن أنّ هذا الصوم واقع في أيّام.
وقال الفرّاء : هو مفعول ما لم يُسمّ فاعله ، كقوله : أعطي زيد المال.
وخالفه الزجّاج ، فقال : هذا لا يشبه ما مثّل به.
ثمّ يخلص السيّد المرتضى إلى قول لم يسبِق إليه أحد ، إذ يقول : «وممّا يمكن أن يقال في هذا الباب ممّا لا نسبق إليه أن تجعل (أيّاماً) منصوبة بقوله : (تتّقون) كأنّه قال : (لعلّكم تتّقون أيّاماً معدودات) أي : (تحذرونها وتخافون شرّها) ، وهذه الأيّام أيّام المحاسبة والمساءلة ودخول النار ، وما أشبه ذلك
__________________
(١) البقرة : ١٨٣ ـ ١٨٤.